ثم قال تعالى : { بشيرا ونذيرا } ، أي : يبشرهم – إن آمنوا وعملوا بما أمروا – بالخلود في الجنة وينذرهم – إن عصوا أو كفروا – بالخلود في النار .
وقوله : { لقوم يعلمون } معناه : لقوم{[60001]} يعقلون ما يقال لهم .
وهذا يدل على أن الله جل ذكره إنما خاطب العقلاء البالغين ، وإن من أشكل عليه شيء من أمر دينه{[60002]} وجب عليه أن يسأل من يعلم .
ثم قال تعالى : { فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون } أي : فأعرض كثير منهم{[60003]} عن الإيمان واستكبروا عن قبول ما جاءهم به محمد عليه السلام ، فهم لا يصغون له فيسمعون ما فيه ، استكبارا .
وقيل : معنى لا يسمعون ، لا يقبلون ما جاءهم من عند الله عز وجل .
ويروى أن قريشا اجتمعت في أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم عتبة بن ربيعة – وكان مقدما في قريش ، قد قرأ الكتب وقال الشعر وعرف الكهانة والسحر – أنا أمضي{[60004]} إلى محمد فاستخبر أمره لكم . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند المقام بمكة ، فقال : يا محمد ، إن كنت فقيرا جمعنا لك من أموالنا ما نغنيك{[60005]} به ، وإن أحببت الرياسة رأسناك{[60006]} علينا . . . وعدد عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت . فلما فرغ عتبة من كلامه قرأ النبي صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته } – إلى – { فهم لا يسمعون } فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : " { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد } – حتى بلغ – { وثمود } ، فلما سمع عتبة ذلك وثب خائفا فوضع{[60007]} يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وناشده بالرحم إلا سكت ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، وانصرف عنه إلى منزله ، وأبطأ على قريش .
فقالت قريش : صبأ عتبة إلى دين محمد ! امضوا بنا إليه . فجاؤوا منزل عتبة فدخلوا وسلموا{[60008]} وسألوه . فقال : يا قوم ، قد علمتم أني من أكثركم مالا وأوسطكم{[60009]} حسبا ، وأني لم أترك شيئا إلا وقد علمته وقرأته وقلته ، والله يا قوم ، لقد قرأ علي محمد كلاما ليس بشعر ( ولا رجز ){[60010]} ولا سحر ولا كهانة ، ولولا ما ناشدته الرحم ووضعت يدي على فمه{[60011]} لخفت أن ينزل بكم العذاب{[60012]} .
قال أبو محمد{[60013]} : وهذا يدل{[60014]} على إعجاز القرآن ، فلو كانوا يقدرون على مثله أو على شيء منه لعارضوه ولاحتجوا عليه بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.