تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (52)

وقوله : { أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } أي : يوسعه على قوم ويضيقه على آخرين ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي : لعبرا وحججا .

هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها ، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر . ولا يصح حمل هذه [ الآية ]{[25179]} على غير توبة{[25180]} ؛ لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه .


[25179]:- زيادة من أ.
[25180]:- في ت: "التوبة".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (52)

عطف على جملة { ولكن أكثرهم لا يعلمون } [ الزمر : 49 ] فبعد أن وصف أكثرهم بانتفاء العلم بأن الرحمة لهم فتنةٌ وابتلاء ، عُطف عليه إنكار علمهم انتفاء علمهم بذلك وإهمالهم النظر في الأدلّة المفيدة للعلم وصمهم آذانهم عن الآيات التي تذكّرهم بذلك حتى بَقُوا في جهالة مركَّبة وكان الشأن أن يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، أي يعطي الخيْر من يشاء ، ويمنع من يشاء .

فالاستفهام إنكار عليهم في انتفاء علمهم بذلك لأنهم تسببوا في انتفاء العلم ، فالإِنكار عليهم يتضمن توبيخاً . واقتصر في الإِنكار على إنكار انتفاء العلم بأن بسط الرزققِ وقدْرَه من فعل الله تعالى لأنه أدنى لمشاهدتهم أحوال قومهم فكم من كادَ غير مرزوق وكم من آخر يجيئه الرزق من حيث لا يحتسب .

وجُعل في ذلك آيات كثيرة لأن اختلاف أحوال الرزق الدالة على أن التصرف بيد الله تعالى ينبىء عن بقية الأحوال فتحصُلُ في ذلك آيات كثيرة دالة على انفراد الله تعالى بالتصرف في نفس الأمر . وجعلت الآيات لقوم يؤمنون لأن المؤمنين قد علموا ذلك وتخلقوا به ولم تكن فيه آيات للمشركين الغافلين عنه .