اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَوَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (52)

قوله : { أَوَلَمْ يعلموا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } يعني أو لم يعلموا أن الله هو الذي يبسط الرزق تارة ويقبض أخرى ، ويدل على ذلك أنا نرى الناس مختلفين في سعة الرزق وضيقه فلا بد لذلك من سبب وذلك السبب ليس هو عقل الرجل وجهله لأنا نرى العاقل القادر في أشد الضيق ونرى الجاهل الضعيف في أعظم السّعة وليس ذلك أيضاً لأجل الطبائع والأنجم والأفلاك لأن في الساعة التي ولد فيها ذلك الملك الكريم{[47555]} والسّلْطَان القاهر قد ولد فيها أيضاً عالم من الناس وعالم من الحيوانات غير الإنسان ويولد أيضاً في تلك الساعة عَالم من النبات ، فلما شاهدنا حدوث هذه الأشياء الكثيرة في تلك الساعة الواحدة مع كونها مختلفة في السعادة والشقاوة علمنا أن الفاعل لذلك هو الله تعالى فصح بهذا البرهان ( العقلي ){[47556]} القاطع صحة قوله تعالى : { الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } وقال الشاعر :

4303- فَلاَ السَّعْدُ يَقْضِي بِهِ المُشْتَري . . . وَلاَ النَّحْسُ يَقْضِي عَلَيْنَا زُحَلْ

وَلَكِنَّهُ حُكْمُ رَبِّ السَّمَا . . . وَقَاضِي القُضَاةِ تَعَالى وَجَلْ


[47555]:في الرازي "الكبير" بدل "الكريم" "26/289".
[47556]:سقط من ب.