تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (52)

الآية 52 وقوله عز وجل : { أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } لا لكرامة وفضل عند الله ولا لحق قبله ، ويضيّق على من يشاء ، لا لهوان له عنده ولا لجناية ، ولكن امتحانا لهم بمختلف الأحوال ؛ يمتحن هذا بالسّعة ليستأدي منه الشكر ، ويُضيّق على هذا ، يطلب منه الصبر على ذلك ، أو يمتحن بعضهم بالسّعة وبعضهم بالشّدة والضيق ليعلموا أن ذلك كله في يد غيرهم لا في أيديهم ؛ إذ يمتحنهم [ بمختلف ]{[18001]} الأحوال ليكونوا أبدا فزعين إلى الله في كل وقت وكل ساعة .

ولو كانت السعة والنعمة لكرامة عند الله وفضل على ما ظن أولئك لكان لا يحتمل ذلك بمختلف{[18002]} المذهب الذي يناقض بعضه بعضا ، ويضادّ بعضه بعضا ، نحو المسلم والكافر ، وقد وسّع على المسلم ، ووسّع على الكافر ، وقد ضيّق عليهم جميعا ، يدل أن التوسيع [ ليس ]{[18003]} للكرامة والمنزلة عند الله أو لحق عليه ، ولا التضييق والتقتير لهوان ؛ إذ لو كان لذلك لكان لا يجمع بين متضادّي المذهب ومتناسبيهما{[18004]} فإذا جمع دل أنه [ جمع ]{[18005]} لمعنى الامتحان لا لما ظن أولئك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ } في ما ذكر من التوسيع والبسط والتضييق والتقتير { لَآَيَاتٍ } أي لعبرة وعظة { لِقَوْمٍ يتفكرون } يؤمنون أنه لم يوسّع لكرامته عند الله ومنزلته وفضله ، ولا ضيّق على من ضيّق لهوان له عنده ولا جناية ، والله أعلم .


[18001]:من م، ساقطة من الأصل.
[18002]:في الأصل وم: مختلفى.
[18003]:من م، ساقطة من الأصل.
[18004]:في الأصل وم: ومختلفهما.
[18005]:ساقطة من الأصل وم.