تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

يقول تعالى : كذلك سلكنا التكذيب والكفر والجحود والعناد ، أي : أدخلناه في قلوب المجرمين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

الإشارة بذلك إلى ما يتحصل لسامع الآية المتقدمة من الحتم عليهم بأنهم لا يؤمنون وهي قوله تعالى : { ولو نزلناه على بعض الأعجمين } [ الشعراء : 198 ] ، و { سلكناه } معناه أدخلناه ، والضمير فيه للكفر الذي يتضمنه قوله { ما كانوا به مؤمنين } [ الشعراء : 198 ] قاله الحسن . قال الرماني لا وجه لهذا لأنه لم يجر ذكره وإنما الضمير للقرآن وإحضاره بالبال ، وحكى الزهراوي أن الضمير للتكذيب المفهوم وحكاه الثعلبي ، وقرأ ابن مسعود «كذلك جعلناه في قلوب » ، وروي عنه «نجعله » ، و «المجرمون » أراد بهم مجرمي كل أمة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

تقدم نظير أول هذه الآية في سورة الحجر ( 12 ) ، إلاّ أن آية الحجر قيل فيها : { كذلك نسلكه } وفي هذه الآية قيل سلكناه } ، والمعنى في الآيتين واحد ، والمقصود منهما واحد ، فوجه اختيار المضارع في آية الحِجر أنه دال على التجدد لئلا يتوهم أن المقصود إبلاغٌ مضى وهو الذي أبلغ لشيع الأولين لتقدم ذكرهم فيتوَهَّم أنهم المراد بالمجرمين مع أن المراد كفار قريش . وأما هذه الآية فلم يتقدم فيها ذكر لغير كفار قريش فناسبها حكاية وقوع هذا الإبلاغ منذ زمن مضَى . وهم مستمرون على عدم الإيمان .

وجملة : { كذلك سلكناه } إلخ مستأنفة بيانيَّة ، أي إن سألت عن استمرار تكذيبهم بالقرآن في حين أنه نزل بلسان عربي مبين فلا تعجَب فكذلك السلوكِ سلكناه في قلوب المشركين ؛ فهو تشبيه للسلوك المأخوذ من { سلكناه } بنفسه لغرابته . وهذا نظير ما تقدم في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ) ، أي هو سلوك لا يشبهه سلوك وهو أنه دخل قلوبهم بإبانته وعَرفوا دلائل صدقه من أخبار علماء بني إسرائيل ومع ذلك لم يؤمنوا به .

ومعنى : { سلكناه } أدخلناه ، قال الأعشى :

كما سَلَكَ السَّكِّيَّ في الباب فَيْتَقُ

وعبّر عن المشركين ب { المجرمين } لأن كفرهم بعد نزول القرآن إجرام .