والضمير في { سلكناه } ، الظاهر أنه عائد على ما عادت عليه الضمائر .
قيل : وهو القرآن ، وقاله الرماني .
والمعنى : مثل ذلك السلك ، وهو الإدخال والتمكين والتفهيم لمعانيه .
{ سلكناه } : أدخلناه ومكناه في { قلوب المجرمين } .
والمعنى : ما ترتب على ذلك السلك من كونهم فهموه وأدركوه ، ولم يزدهم ذلك إلا عناداً وجحوداً وكفراً به ، أي على مثل هذه الحالة وهذه الصفة من الكفر به والتكديب له ، كما وضعناه فيها .
فكيف ما يرام إيمانهم به لم يتغير ؟ وأعماهم عليه من الإنكار والجحود ، كما قال : { ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس } الآية .
وقال الكرماني : أدخلناه فيها ، فعرفوا معانيه ، وعجزهم عن الأتيان الإيمان بمثله ، ولم يؤمنوا به .
وقال يحيى بن سلام : الضمير في سلكناه يعود على التكذيب ، فذلك الذي منعهم من الإيمان .
ويقويه قوله : { فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين } .
وقال الحسن : الضمير يعود على الكفر الذي يتضمنه قوله : { ما كانوا به مؤمنين } . انتهى .
وقال عكرمة : سلكناه ، أي القسوة ، وأسند السلك تعالى إليه ، لأنه هو موجد الأشياء حقيقة ، وهو الهادي وخالق الضلال .
وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف أسند السلك بصفة التكذيب إلى ذاته ؟ قلت : أراد به الدلالة على تمكنه مكذباً في قلوبهم أشد التمكين وأثبته ، فجعله بمنزلة أمر قد جبلوا عليه .
ألا ترى إلى قولهم : هو مجبول على الشح ؟ يريدون تمكن الشح فيه ، لأن الأمور الخلقية أثبت من العارضة ، والدليل عليه أنه أسند ترك الإيمان به إليهم على عقبه ، وهو قوله : { لا يؤمنون به } . انتهى .
وهو على طريقة الاعتزال والتشبيه بين السلكين ، يقتضي تغاير من حل به .
والمعنى : مثل ذلك السلك في قلوب قريش ، سلكناه في قلوب من أجرم ، لاشتراكهما في علة السلك وهو الإحرام .
قال ابن عطية : أراد بهم مجرمي كل أمّة ، أي إن هذه عادة الله فيهم ، أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب ، فلا ينفعهم الإيمان بعد تلبس العذاب بهم ، وهذا على جهة المثال لقريش ، أي هؤلاء كذلك ، وكشف الغيب بما تضمنته الآية يوم بدر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.