اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

قوله : «كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ » أي : قيل ذلك{[37950]} ، أو الأمر كذلك{[37951]} . والضمير في «سَلَكْنَاهُ » عائد على القرآن ، وهو الظاهر{[37952]} ، أي : سلكناه في قلوب المجرمين ( كما سلكناه في قلوب المؤمنين ){[37953]} ، ومع ذلك لم ينجع{[37954]} فيهم . وقال ابن عباس والحسن ومجاهد : أدخلنا الشرك والتكذيب في قلوب المجرمين{[37955]} .

وهذه الآية تدل على أنّ الكل بقضاء الله وخلقه . قال الزمخشري : أراد به أنه صار ذلك التكذيب متمكناً في قلوبهم أشدّ التمكن ، فصار ذلك كالشيء الجبلِّي{[37956]} .

والجواب : أنه إما أن يكون قد فعل الله تعالى فيهم ما يقتضي الترجيح أم لا ، فإن كان الأول فقد دللنا{[37957]} في سورة الأنعام على أنَّ الترجيح لا يتحقق ما لم يثب{[37958]} إلى حد الوجوب ، وحينئذ يحصل المقصود ، وإن لم يفعل فيهم ما يقتضي الترجيح البتة امتنع قوله : «كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ »{[37959]} .


[37950]:فتكون الكاف صفة لمصدر محذوف، أي: سلوكاً مثل. التبيان 2/777.
[37951]:فتكون الكاف في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف. المرجع السابق.
[37952]:انظر البحر المحيط 7/42.
[37953]:ما بين القوسين سقط من ب.
[37954]:في اللسان (نجع): نجع فيه القول والخطاب والوعظ: عمل فيه ودخل وأثر.
[37955]:انظر البغوي 6/241-242.
[37956]:نص عبارة الزمخشري: (فإن قلت: كيف أسند السلك بصفة التكذيب إلى ذاته. قلت: أراد به الدلالة على تمكنه مكذباً في قلوبهم أشد التمكن وأثبته فجعله بمنزلة أمر قد جبلوا عليه وفطروا) الكشاف 3/128، وابن عادل تبع ابن الخطيب في النقل عن الزمخشري، فقد نقلا معنى كلامه.
[37957]:في ب: قدمنا.
[37958]:يثب: سقط من ب.
[37959]:انظر الفخر الرازي 24/170.