نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

ولما كان ذلك محل عجب ، وكان ربما ظن له أن الأمر على غير حقيقته ، قرر مضمونه وحققه بقوله : { كذلك } أي مثل هذا السلك العجيب - الذي هو سماع وفهم ظاهري - في صعوبة مدخله وضيق مدرجه .

ولما لم يكن السياق مقتضياً لما اقتضاه سياق الحجر من التأكيد ، اكتفى بمجرد الحدوث فقال : { سلكناه } أي كلامنا والحق الذي أرسلنا به رسلنا بما لنا من العظمة ، في قلوبهم - هكذا كان الأصل ، ولكنه علق الحكم بالوصف ، وعم كل زمن وكل من اتصف به فقال : { في قلوب المجرمين* } أي الذين طبعناهم على الإجرام ، وهو القطيعة لما ينبغي وصله ، كما ينظم السهم إذا رمي به ، أو الرمح إذا طعن به في القلب ، لا يتسع له ، ولا ينشرح به ، بل تراه ضيقاً حرجاً .