تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

ثم ثبّت تعالى نبيه{[2952]} والمؤمنين وأخبرهم بأن ما جاء{[2953]} به الرسول{[2954]} صلى الله عليه وسلم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ، فقال : { الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }


[2952]:في جـ: "النبي صلى الله عليه وسلم".
[2953]:في ط: "ما جاءهم به".
[2954]:في جـ: "النبي".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

{ الحق من ربك } كلام مستأنف ، والحق إما مبتدأ خبره من ربك واللام للعهد ، والإشارة إلى ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو الحق الذي يكتمونه ، أو للجنس . والمعنى أن { الحق } ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه لا ما لم يثبت كالذي عليه أهل الكتاب ، وإما خبره مبتدأ محذوف أي هو { الحق } ومن ربك حال ، أو خبر بعد خبر . وقرئ بالنصب على أنه بدل من الأول ، أو مفعول { يعلمون } { فلا تكونن من الممترين } الشاكين في أنه من ربك ، أو في كتمانهم الحق عالمين به ، وليس المراد به نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشك فيه ، لأنه غير متوقع منه وليس بقصد واختيار ، بل إما تحقيق الأمر وإنه بحيث لا يشك فيه ناظر ، أو أمر الأمة باكتساب المعارف المزيحة للشك على الوجه الأبلغ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

تذييل لجملة : { وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق } [ البقرة : 146 ] ، على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا الحق ، وحَذفُ المسند إليه في مثل هذا مما جرى على متابعة الاستعمال في حذف المسند إليه بعد جريان ما يَدل عليه مِثل قولهم بعد ذكر الديار « رَبْعٌ قَواءٌ » وبعد ذكر الممدوح « فتى » ونحو ذلك كما نبه عليه صاحب « المفتاح » . وقوله : { فلا تكونن من الممترين } نهي عن أن يكون من الشاكِّين في ذلك والمقصود من هذا .

والتعريف في { الحق } تعريف الجنس كما في قوله : { الحمد لله } [ الفاتحة : 2 ] وقولهم الكرم في العرب هذا التعريف لجزئي الجملة الظاهر والمقدَّر يفيد قصر الحقيقة على الذي يكتمونه وهو قصر قلب أي لا ما يظهرونه من التكذيب وإظهار أن ذلك مخالف للحق .

والامتراء افتعال من المِراء وهو الشك ، والافتعالُ فيه ليس للمطاوعة ومصدر المِرْية لا يعرف له فعل مجرَّد بل هو دائماً بصيغة الافتعال .

والمقصود من خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { ولئن اتبعت } [ البقرة : 120 ] ، وقوله : { فلا تكونن من الممترين } تحذير الأمة وهذه عادة القرآن في كل تحذير مُهِم ليكون خطاب النبي بمثل ذلك وهو أقرب الخلق إلى الله تعالى وأولاهم بكرامته دليلاً على أن من وقع في مثل ذلك من الأمة قد حقت عليه كلمة العذاب ، وليس له من النجاة باب ، ويجوز أن يكون الخطاب في قوله : { من ربك } وقوله : { فلا تكونن } خطاباً لغير معيَّن من كل من يصلح ها الخطاب .