تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{طسٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

[ بسم الله الرحمن الرحيم . رب يسر بفضلك ]{[1]} تفسير سورة القصص

[ وهي مكية ]{[2]} قال الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا وَكِيع ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن معد يكرب قال : أتينا عبد الله فسألناه أن يقرأ علينا { طسم } المائتين ، فقال : ما هي معي ، ولكن عليكم مَن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم : خَبَّاب بن الأرَت . قال : فأتينا خَبَّاب بن الأرت ، فقرأها علينا ، رضي الله عنه{[3]} .

قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{طسٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القصص مكية وقيل إلا قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب إلى قوله لا نبتغي الجاهلين وهي ثمان وثمانون آية .

{ بسم الله الرحمن الرحيم } { طسم } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{طسٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سميت سورة القصص ولا يعرف لها اسم آخر . ووجه التسمية بذلك وقوع لفظ { القصص } فيها عند قوله تعالى { فلما جاءه وقص عليه القصص } .

فالقصص الذي أضيفت إليه السورة هو قصص موسى الذي قصه على شعيب عليهما السلام فيما لقيه في مصر قبل خروجه منها . فلما حكي في السورة ما قصه موسى كانت هاته السورة ذات قصص لحكاية قصص ، فكان القصص متوغلا فيها . وجاء لفظ القصص في سورة يوسف ولكن سورة يوسف نزلت بعد هذه السورة .

وهي مكية في قول جمهور التابعين . وفيها آية { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } . قيل نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في الجحفة في طريقه إلى المدينة للهجرة تسلية له على مفارقة بلده . وهذا لا يناكد أنها مكية لأن المراد بالمكي ما نزل قبل حلول النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة كما أن المراد بالمدني ما نزل بعد ذلك ولو كان نزوله بمكة .

وعن مقاتل وأبن عباس أن قوله تعالى { الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون } إلى قوله { سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين } نزل بالمدينة .

وهي السورة التاسعة والأربعون في عداد نزول سور القرآن ، نزلي بعد سورة النمل وقبل سورة الإسراء ، فكانت هذه الطواسين الثلاث متتابعة في النزول كما هو ترتيبها في المصحف ، وهي متماثلة في افتتاح ثلاثتها بذكر موسى عليه السلام . ولعل ذلك الذي حمل كتاب المصحف على جعلها متلاحقة .

وهي ثمان وثمانون آية باتفاق العادين .

أغراضها

اشتملت هذه السورة على التنويه بشأن القرآن والتعريض بأن بلغاء المشركين عاجزون عن الإتيان بسورة مثله . وعلى تفصيل ما اجمل في سورة الشعراء من قول فرعون لموسى { ألم نربك فينا وليدا } إلى قوله { وأنت من الكافرين } ففصلت سورة القصص كيف كانت تربية موسى في آل فرعون .

وبين فيها سبب زوال ملك فرعون .

وفيها تفصيل ما أجمل في سورة النمل من قوله { إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا } ففصلت سورة القصص كيف سار موسى وأهله وأين آنس النار ووصف المكان الذي نودي فيه بالوحي إلى أن ذكرت دعوة موسى فرعون فكانت هذه السورة أوعب لأحوال نشأة موسى إلى وقت إبلاغه الدعوة ثم أجملت ما بعد ذلك لأن تفصيله في سورة الأعراف وفي سورة الشعراء . والمقصود من التفصيل ما يتضمنه من زيادة المواعظ والعبر .

وإذ قد كان سوق تلك القصة إنما هو للعبرة والموعظة ليعلم المشركون سنة الله في بعثة الرسل ومعاملته الأمم المكذبة لرسلها .

وتحدى المشركين بعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب ولا خالط أهل الكتاب ، ذيل الله ذلك بتنبيه المشركين إليه وتحذيرهم من سوء عاقبة الشرك وأنذرهم إنذارا بليغا .

وفند قولهم { لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } من الخوارق كقلب العصا حية ثم انتقاضهم في قولهم إذ كذبوا موسى أيضا .

وتحداهم بإعجاز القرآن وهديه مع هدي التوراة .

وأبطل معاذيرهم ثم أنذرهم بما حل بالأمم المكذبة رسل الله .

وساق لهم أدلة على وحدانية الله تعالى وفيها كلها نعم عليهم وذكرهم بما سيحل بهم يوم الجزاء .

وأنحى عليهم في اعتزازهم على المسلمين بقوتهم ونعمتهم ومالهم بأن ذلك متاع الدنيا وأن ما ادخر للمسلمين عند الله خير وأبقى .

وأعقبه بضرب المثل لهم بحال قارون في قوم موسى . وتخلص من ذلك إلى التذكير بأن أمثال أولئك لا يحظون بنعيم الآخرة وأن العاقبة للمتقين .

وتخلل ذلك إيماء إلى اقتراب مهاجرة المسلمين إلى المدينة ، وإيماء إلى أن الله مظهرهم على المشركين بقوله { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } الآية .

وختم الكلام بتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيته ووعده بأنه يجعل بلده في قبضته ويمكنه من نواصي الضالين .

ويقرب عندي أن يكون المسلمون ودوا أن تفصل لهم قصة رسالة موسى عليه السلام فكان المقصود انتفاعهم بما في تفاصيله من معرفة نافعة لهم تنظيرا لحالهم وحال أعدائهم . فالمقصود ابتداء هم المسلمون ولذلك قال تعالى في أولها { نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون }أي للمؤمنين .

تقدم القول في نظيره في فاتحة سورة الشعراء .