تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (18)

قال الله [ تعالى ] {[26438]} { أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ }

أي : دخلوا في زمرة أشباههم وأضرابهم من الكافرين الخاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة .

وقوله : { أولئك } بعد قوله : { وَالَّذِي قَالَ } دليل على ما ذكرناه من أنه جنس يعم كل من كان كذلك .

وقال الحسن وقتادة : هو الكافر الفاجر العاق لوالديه ، المكذب بالبعث .

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة سهل بن داود ، من طريق هشام بن عمار : حدثنا حماد بن عبد الرحمن ، حدثنا خالد بن الزبرقان الحلبي ، عن سليمان بن حبيب المحاربي ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربعة لعنهم الله من فوق عرشه ، وأَمَّنتْ عليهم الملائكة : مضل المساكين - قال خالد : الذي يهوي بيده إلى المسكين فيقول : هلم أعطيك ، فإذا جاءه قال : ليس معي شيء - والذي يقول للمكفوف : اتق الدابة ، وليس بين يديه شيء . والرجل يسأل عن دار القوم فيدلونه على غيرها ، والذي يضرب الوالدين حتى يستغيثا " {[26439]} . غريب جدا .


[26438]:- (5) زيادة من ت، م.
[26439]:- (6) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (10/221) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (4/251) من طريق هشام بن عمار به. قال ابن أبي حاتم في العلل (2/413): "سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث منكر". قال الهيثمي في المجمع (4/251): "حماد بن عبد الرحمن العكي عن خالد بن الزبرقان، وكلاهما ضعيف".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (18)

{ أولئك الذين حق عليهم القول } بأنهم أهل النار وهو يرد النزول في عبد الرحمن لأنه يدل على أنه من أهلها لذلك وقد جب عنه إن كان لإسلامه . { في أمم قد خلت من قبلهم } كقوله في أصحاب الجنة . { من الجن والإنس } بيان للأمم . { إنهم كانوا خاسرين } تعليل للحكم على الاستئناف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (18)

يجوز أن يكون اسم الإشارة مشيراً إلى الذي قال لديه هذه المقالة لما علمت أن المراد به فريق ، فجاءت الإشارة إليه باسم إشارة الجماعة بتأويل الفريق . ويجوز أن يكون { أولئك } إشارة إلى { الأوَّلين } من قوله : { فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين } [ الأحقاف : 17 ] ، وهم الذين روي أن ابنَ أبي بكر ذكرَهم حين قال : فأين عبد الله بن جُدعان ، وأيْنَ عثمان بن عمرو ، ومشائخ قريش كما تقدم آنفاً . واستحضار هذا الفريق بطريق اسم الإشارة لزيادة تمييز حالهم العجيبة .

وتعريف { القول } تعريف العهد وهو قول معهود عند المسلمين لما تكرر في القرآن من التعبير عنه بالقول في نحو آية { قال فالحق والحق أقول لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } [ ص : 84 ، 85 ] ، ونحو قوله : { أفمن حقّ عليه كلمة العذاب } [ الزمر : 19 ] ، فإن الكلمة قول ، ونحو قوله : { لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون } [ يس : 7 ] الآية . وإطلاقه في هذه الآية رشيق لصلوحية .

وإقحام { كانوا خاسرين } دون أن يقال : إنهم خاسرون ، للإشارة إلى أن خسرانهم محقق فكني عن ذلك بجعلهم كائنين فيه .

وتأكيد الكلام بحرف ( إنَّ ) لأنهم يظنون أن ما حصل لهم في الدنيا من التمتع بالطيبات فوزاً ليس بعده نكد لأنهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء ، فشبهت حالة ظنهم هذا بحال التاجر الذي قل ربحه من تجارته فكان أمره خسراً ، وقد تقدم غير مرة منها قوله تعالى : { فما ربحت تجارتهم } في البقرة ( 16 ) .

وإيراد فعل الكون بقوله : { كانوا خاسرين } دون الاقتصار على { خاسرين } لأن ( كان ) تدل على أن الخسارة متمكنة منهم .