روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (18)

{ أولئك } القائلون ذلك ، وقيل : أي صنف هذا المذكور بناءً على زعم خصوص { الذي } [ الأحقاف : 17 ] وليس بشيء .

{ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } وهو قوله تعالى لإبليس : { لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 85 ] وقد مر تمام الكلام في ذلك . ورد بهذا على من زعم أن الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر لأنه رضي الله تعالى عنه أسلم وجب عنه ما قبل وكان من أفاضل الصحابة ، ومن حق عليه القول هو من علم الله تعالى أنه لا يسلم أبداً .

وقيل : الحكم هنا على الجنس فلا ينافي خروج البعض من أحكامه الأخروية ، وقيل : غير ذلك مما لا يلتفت إليه .

{ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ } في مقابلة { فِى أصحاب الجنة } [ الأحقاف : 16 ] فهو مثله إعراباً ومبالغة ومعنى ، وقوله تعالى : { مّنَ الجن والإنس } بيان للأمم { أَنَّهُمْ } جميعاً { كَانُواْ خاسرين } قد ضيعوا فطرتهم الأصلية الجارية مجرى رؤوس أموالهم باتباع الشيطان ، والجملة تعليل للحكم بطريق الاستئناف . وقرأ العباس عن أبي عمرو { أَنَّهُمْ } بفتح الهمزة على تقدير لأنهم . واستدل بقوله عز وجل : { فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ } الخ على أن الجن يموتون قرناً بعد قرن كالإنس . وفي «البحر » قال الحسن في بعض مجالسه : الجن لا يموتون فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت .