تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

هذا حال الأشقياء وصفاتهم ، وذكر مآلهم في الدار الآخرة ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون ، كما أنهم اتصفوا بخلاف صفاتهم في الدنيا ، فأولئك كانوا يوفون بعهد الله ويصلون ما أمر الله به أن يوصل ، وهؤلاء { يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ } كما ثبت في الحديث : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " وفي رواية : " وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فَجر " .

ولهذا قال : { أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ } وهي الإبعاد عن الرحمة ، { وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } وهي سوء العاقبة والمآل ، ومأواهم جهنم وبئس القرار . {[15587]} وقال أبو العالية في قوله : { وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ } الآية ، قال : هي ست خصال في المنافقين إذا كان فيهم الظَّهرة على الناس أظهروا هذه الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا ائتمنوا خانوا ، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه ، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل ، وأفسدوا في الأرض . وإذا كانت الظَّهرة عليهم أظهروا الثلاث الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا ائتمنوا خانوا .


[15587]:- في ت ، أ : "المهاد".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

{ والذين ينقضون عهد الله } يعني مقابلي الأولين . { من بعد ميثاقه } من بعد ما أوثقوه به من الإقرار والقبول . { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض } بالظلم وتهييج الفتن . { أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } عذاب جهنم أو سوء عاقبة الدنيا لأنه في مقابلة { عقبى الدار } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

هذه صفة حالة مضادة للمتقدمة . وقال ابن جريج في قوله { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } إنه روي : إذا لم تمش إلى قريبك برجلك ولم تواسه بمالك فقد قطعته . وقال مصعب بن سعد : سألت أبي عن قوله تعالى : { هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا }{[6960]} [ الكهف : 103-104 ] هم الحرورية ؟ قال : لا ولكن الحرورية : { هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض } وأولئك هم الفاسقون ، فكان سعد بن أبي وقاص يجعل فيهم الآيتين .

و «اللعنة » : الإبعاد من رحمة الله ومن الخير جملة . و { سوء الدار } ضد { عقبى الدار } [ الرعد : 23 ] والأظهر في { الدار } هنا أنها دار الآخرة ، ويحتمل أنها الدنيا على ضعف .


[6960]:الآية (103) ، و من الآية (104) من سورة (الكهف).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

هذا شرح حال أضداد الذين يوفون بعهد الله ، وهو ينظر إلى شرح مجمل قوله : { كمن هو أعمى } [ سورة الرعد : 19 ] . والجملة معطوفة على جملة { الذين يوفون } [ الرعد : 20 ] .

ونقض العهد : إبطاله وعدم الوفاء به .

وزيادة { من بعد ميثاقه } زيادة في تشنيع النقض ، أي من بعد توثيق العهد وتأكيده .

وتقدم نظير هذه الآية قوله تعالى : { وما يضلّ به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض } في أوائل سورة البقرة : 26 27 ) .

وجملة { أولئك لهم اللعنة } خبر عن { والذين ينقضون } وهي مقابل جملة { أولئك لهم عقبى الدار } .

والبعد عن الرحمة والخزيُ وإضافة سوء الدار كإضافة عقبى الدار . والسوء ضد العقبى كما تقدم .