تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ) العهد قد ذكرنا في غير موضع ، وكذلك النقض .

وقوله تعالى : ( وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ) كل حرف من هذه الحروف يقتضي معنى الحرف الآخر : إذا نقضوا العهد والميثاق فقد قطعوا ما أمر الله به أن يوصل ، وسعوا في الأرض بالفساد ، وإذا قطعوا ما أمر الله به أن يوصل نقضوا العهد ، وسعوا في الأصل بالفساد إلا أن يقال : إن نقض العهد يكون بالاعتقاد وذلك يكون منهم وبين نسائهم ، وكذلك قطع ما أمر به أمر صلة الإيمان بالنبيين والكتب جميعا .

فإن كان صلة الأرحام فهو فعل ، والسعي في الأرض فعل أيضا من زنى أو سرقة وقطع الطريق وغير ذلك من المعاصي .

وقوله تعالى : ( وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ) ما ذكرنا من وصل الإيمان ببعض الرسل [ وبكل الرسل وبجميع ][ في الأصل وم : مالكل وجميع ] الكتب ، ويحتمل صلة الأرحام التي فرض عليهم [ صلتها ، فقطعوها ][ في الأصل وم : صلتهم قطعوا ذلك ] وأمرهم أن يصلوا أعمالهم بما اعتقدوا .

وقوله تعالى : ( أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) اللعنة هي الطرد في اللغة والإبعاد كأنهم طردوا ، وأبعدوا عن رحمة الله في الآخرة ، أو طردوا ، وأبعدوا من هداية الله وإرشاده في الدنيا ( ولهم سوء الدار ) قد ذكرنا أنهم دعوا إلى دار ، وحذروا عن دار ؛ دعوا إلى دار الإسلام ، فإن أجابوا فلهم الحسنى على ما ذكر ، وحذروا /264-أ/ عن دار الهوان ، فلم يحذروا[ في الأصل وم : يحذر ] دار السوء والهوان ، وسماها[ في الأصل وم : أو سماها ] سوء الدار لما يسوء مقامهم فيها ، أو ذكر لأهل النار سوء الدار مقابل ما ذكر لأهل الجنة حسن المآب وحسن الثواب والحسنى .