السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

ولما ذكر تعالى صفات السعداء وما يترتب عليها من الأحوال الشريفة العالية أتبعها بذكر أحوال الأشقياء ، وذكر ما يترتب عليها من الأحوال المخزية المكربة ، وأتبع الوعد بالوعيد والثواب بالعقاب ؛ ليكون البيان كاملاً فقال تعالى :

{ والذين ينقضون عهد الله } ، أي : فيعملون بخلاف موجبه ، والنقض التفريق الذي ينفي تأليف البناء { من بعد ميثاقه } ، أي : الذي أوثقه عليهم من الإقرار والقبول { ويقطعون ما } ، أي : الذي { أمر الله به أن يوصل } وذلك في مقابلة قوله من قبل { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } [ الرعد ، 21 ] فجعل من صفات هؤلاء القطع بالضد من ذلك الوصل ، والمراد به قطع ما يوجب الله تعالى وصله ، أي : لما له من المحاسن الجلية والخفية التي هي عين الصلاح ، ويدخل في ذلك وصل الرسول صلى الله عليه وسلم بالموالاة والمعاونة ، ووصل المؤمنين ووصل الأرحام ، ووصل سائر من له حق { ويفسدون } ، أي : يوقعون الفساد { في الأرض } ، أي : في أي جزء كان منها بالظلم وتهييج الفتن ، والدعاء إلى غير دين الله تعالى { أولئك }أي البعداء البغضاء { لهم اللعنة } ، أي : الطرد والبعد { ولهم سوء الدار } والدار لهم هي جهنم ، وليس لهم فيها إلا ما يسوء الصائر إليها .