تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ} (34)

ولهذا قال هاهنا : { فَالْيَوْمَ } يعني : يوم القيامة { الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } أي : في مقابلة ما ضحك بهم أولئك ،

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ} (34)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله تعالى ذكره:"فالْيَوْمَ "وذلك يوم القيامة "الّذِينَ آمَنُوا" بالله في الدنيا "مِنَ الكُفّارِ" فيها "يَضْحَكُونَ على الأرَائِكِ يَنْظُرُونَ" يقول: على سررهم التي في الحِجال ينظرون إليهم، وهم في الجنة، والكفار في النار يُعَذّبون...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ويكون ضحكهم على المجازاة للكفرة بما كانوا يضحكون منهم في الدنيا...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وفي سبب هذا الضحك وجوه؛

(أحدها): أن الكفار كانوا يضحكون على المؤمنين في الدنيا بسبب ما هم فيه من الضر والبؤس، وفي الآخرة يضحك المؤمنون على الكافرين بسبب ما هم فيه من أنواع العذاب والبلاء، ولأنهم علموا أنهم كانوا في الدنيا على غير شيء، وأنهم قد باعوا باقيا بفان ويرون أنفسهم قد فازوا بالنعيم المقيم ونالوا بالتعب اليسير راحة الأبد، ودخلوا الجنة فأجلسوا على الأرائك ينظرون إليهم كيف يعذبون في النار وكيف يصطرخون فيها ويدعون بالويل والثبور ويلعن بعضهم بعضا...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

اليوم والكفار محجوبون عن ربهم، يقاسون ألم هذا الحجاب الذي تهدر معه إنسانيتهم، فيصلون الجحيم، مع الترذيل والتأنيب حين يقال: (هذا الذي كنتم به تكذبون).. اليوم والذين آمنوا على الأرائك ينظرون. في ذلك النعيم المقيم، وهم يتناولون الرحيق المختوم بالمسك الممزوج بالتسنيم...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وأفادت فاء السّببيّة في قوله: {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون}، أن استهزاءهم بالمؤمنين في الدنيا كان سبباً في جزائهم بما هو من نوعه في الآخرة إذ جعل الله الذين آمنوا يضحكون من المشركين فكان جزاء وفاقاً. وتقديم « اليوم» على {يضحكون} للاهتمام به لأنه يوم الجزاء العظيم الأبدي... والتقدير: يقال لهم: اليومَ الذين آمنوا يضحكون منكم. وقدم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله: {الذين آمنوا من الكفار يضحكون} دون أن يقال: فاليوم يضحك الذين آمنوا، لإِفادة الحصر وهو قصر إضافي في مقابلة قوله: {كانوا من الذين آمنوا يضحكون} أي زال استهزاء المشركين بالمؤمنين فاليومَ المؤمنون يضحكون من الكفار دون العكس. وتقديم {من الكفار} على متعلَّقه وهو {يضحكون} للاهتمام بالمضحوك منهم تعجيلاً لإِساءتهم عند سماع هذا التقريع. وقوله: {من الكفار} إظهار في مقام الإِضمار، عُدل عن أن يقال: منهم يضحكون، لما في الوصف المظهر من الذم للكفار...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{فَالْيَوْمَ} يوم القيامة الذي يقف فيه كل إنسانٍ في موقعه الطبيعي، في ما يستحقه من ثوابٍ وعقاب، وهو يوم العدل الذي يأخذ فيه المظلوم حقه من ظالمه، {الَّذِينَ آمَنُواْ} وهم منفتحون على الله متقلبون في نعيمه، سعيدون برحمته ورضاه، شاربون للرحيق المختوم بالمسك الممتزج بالتسنيم {مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} لأنهم استغرقوا في العاجلة وتركوا الآجلة، فها هم محجوبون عن ربهم، محترقون بنار الجحيم، خاضعون لكل أساليب الإهانة والتأنيب، فأيّة سخريةٍ أكثر لذعاً من هذه السخرية التي قد لا يحتاج الناس إلى إثارتها لتثير الضحك، ولكن الواقع يشير إلى نفسه في عملية ضحكٍ على المصير...