مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ} (34)

أما قوله تعالى : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } ففيه مسألتان :

المسألة الأولى : المعنى أن في هذا اليوم الذي هو يوم تصقع الأعمال والمحاسبة يضحك المؤمن من الكافر ، وفي سبب هذا الضحك وجوه ( أحدها ) : أن الكفار كانوا يضحكون على المؤمنين في الدنيا بسبب ما هم فيه من الضر والبؤس ، وفي الآخرة يضحك المؤمنون على الكافرين بسبب ما هم فيه من أنواع العذاب والبلاء ، ولأنهم علموا أنهم كانوا في الدنيا على غير شيء ، وأنهم قد باعوا باقيا بفان ويرون أنفسهم قد فازوا بالنعيم المقيم ونالوا بالتعب اليسير راحة الأبد ، ودخلوا الجنة فأجلسوا على الأرائك ينظرون إليهم كيف يعذبون في النار وكيف يصطرخون فيها ويدعون بالويل والثبور ويلعن بعضهم بعضا ( الثاني ) : قال أبو صالح : يقال لأهل النار وهم فيها اخرجوا وتفتح لهم أبوابها ، فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج ، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك ، فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم ، فذاك هو سبب الضحك .