اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ} (34)

قوله تعالى : { فاليوم الذين آمَنُواْ } . «فاليوم » : منصوب ب «يَضْحَكُون » ، ولا يضرّ تقديمه على المبتدأ ، لأنه لو تقدم هان العامل لجاز ، إذ لا لبس بخلاف «زيد قائم في الدار » لا يجوز «في الدار زيد قائم » .

ومعنى ، «فاليوم » أي : في الآخرة يضحك المؤمنون من الكافرين ، وفي سبب هذا الضحك وجوه :

منها : أنَّ الكفار كانوا يضحكون على المؤمنين في الدنيا ، بسبب ما هم فيه من التضرر والبؤس ، وفي الآخرة يضحك المؤمنون على الكافرين ، بسبب ما هم فيه من أنواع العذاب والبلاء .

ومنها : أنَّهم علموا أنهم كانوا في الدنيا على غير شيء ، وأنهم باعوا الباقي بالفاني .

ومنها : أنهم يرون أنفسهم أنهم قد فازوا بالنعيم المقيم ، ونالوا بالتعب اليسير راحة الأبد .

ومنها : أنَّهم دخلوا الجنة ، فأجلسُوا على الأرائكِ ينظرون إلى الكفَّار كيف يعذبون في النار ، ويرفعون أصواتهم بالويل والثبور ، ويلعن بعضهم بعضاً .

ومنها : قال أبو صالح : يقال لأهل النار - وهم فيها - اخرجوا ، ويفتحُ ، لهم أبوابها ، فإذا رأوها وقد فتحت أبوابها أقبلوا إليها يريدون الخروج والمؤمنون ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم ، فذلك سبب الضحك .