تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

ثم قال : { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ } أي : هذه سنته في المنافقين إذا تمردوا على نفاقهم وكفرهم ولم يرجعوا عما هم فيه ، أن أهل الإيمان يسلطون عليهم ويقهرونهم ، { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا } أي : وسنة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { سُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : سُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ هؤلاء المنافقين الذين في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ضُرَباء هؤلاء المنافقين ، إذا هم أظهروا نفاقهم أن يُقَتّلَهُمْ تَقْتيلاً ، ويلعنهم لعنا كثيرا . وبنحو الذي قولنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : سُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ . . . الاَية ، يقول : هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق .

وقوله : وَلَنْ تَجِدَ لِسُنّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولن تجد يا محمد لسنة الله التي سنها في خلقه تغييرا ، فأيقن أنه غير مغير في هؤلاء المنافقين سنته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

انتصب { سنة الله } على أنه مفعول مُطلق نائب عن فعله . والتقدير : سَن الله إغراءك بهم سنتَه في أعداء الأنبياء السالفين وفي الكفار المشركين الذين قُتّلوا وأخذوا في غزوة بدر وغيرها .

وحرف { في } للظرفية المجازية ، شُبهت السّنة التي عوملوا بها بشيء في وَسْطهم كناية عن تغلغله فيهم وتناوله جميعهم ولو جاء الكلام على غير المجاز لقيل : سنة الله مع الذين خَلَوا .

و { الذين خلوا } الذين مَضَوا وتقدموا . والأظهر أن المراد بهم من سبقوا من أعداء النبي صلى الله عليه وسلم الذين أذنه الله بقتلهم مثل الذين قُتلوا من المشركين ومثل الذين قتلوا من يهود قريظة . وهذا أظهر لأن ما أصاب أولئك أوقع في الموعظة إذ كان هذان الفريقان على ذكر من المنافقين وقد شهدوا بعضهم وبلغهم خبر بعض .

ويحتمل أيضاً أن يشمل { الذين خلوا } الأممَ السالفة الذين غضب الله عليهم لأذاهم رسلهم فاستأصلهم الله تعالى مثل قوم فرعون وأضرابهم .

وذيل بجملة { ولن تجد لسنة الله تبديلاً } لزيادة تحقيق أن العذاب حائق بالمنافقين وأتباعهم إن لم ينتهوا عما هم فيه وأن الله لا يخالف سنته لأنها مقتضى حكمته وعلمه فلا تجري متعلقاتها إلا على سَنن واحد .

والمعنى : لن تجد لسنن الله مع الذين خَلَوْا من قبل ولا مع الحاضرين ولا مع الآتين تبديلاً . وبهذا العموم الذي أفاده وقوع النكرة في سياق النفي تأهلت الجملة لأن تكون تذييلاً .