وقوله : { فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ } قال مجاهد : يعني : فَدُهْوِرُوا{[21789]} فيها .
وقال غيره : كببوا فيها . والكاف مكررة ، كما يقال : صرصر . والمراد : أنه ألقي بعضهم على بعض ، من الكفار وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك .
وقوله : فَكُبْكِبُوا فيها هُمْ والغاوُونَ يقول : فرمي ببعضهم في الجحيم على بعض ، وطرح بعضهم على بعض منكبين على وجوههم . وأصل كبكبوا : كببوا ، ولكن الكاف كرّرت كما قيل : بِرِيحٍ صَرْصَرٍ يعني به صرّ ، ونهنهني يُنهَنهني ، يعني به : نههني . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : فَكُبْكبُوا قال : فدهوروا .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَكُبْكبُوا فيها يقول : فجمعوا فيها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله فَكُبْكبُوا فِيها قال : طرحوا فيها . فتأويل الكلام : فكبكب هؤلاء الأنداد التي كانت تعبد من دون الله في الجحيم والغاوون .
وذُكر عن قَتادة أنه كان يقول : الغاوون في هذا الموضع : الشياطين . ذكر الرواية عمن قال ذلك :
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالغاوُونَ قال : الغاوون : الشياطين .
فتأويل الكلام على هذا القول الذي ذكرنا عن قَتادة : فكبكب فيها الكفار الذين كانوا يعبدون من دون الله الأصنام والشياطين .
ثم أخبر عن حال يوم القيامة من أن الأصنام تكبكب في النار أي تلقى كبة واحدة ووصل بها ضمير من يعقل من حيث ذكرت بعبادة ، وكانت يسند إليها فعل من يعقل ، وقيل الضمير في قوله { هم } للكفار ، و { الغاوون } الشياطين ، و «كبكب » مضاعف من كب هذا قول الجمهور وهو الصحيح لأن معناها واحد ، والتضعيف في الفعل بين مثل صر وصرصر وغير ذلك ، و { الغاوون } الكفرة الذين شملتهم الغواية .
ومعنى { كُبكِبوا } كُبُّوا فيها كَباً بعد كَبَ فإنَّ { كبكبوا } مضاعف كُبُّوا بالتكرير وتكرير اللفظ مفيد تكرير المعنى مثل : كفكَف الدمعَ ، ونظيره في الأسماء : جيش لَمْلَم ، أي كثير ، مبالغة في اللَّم ، وذلك لأن له فعلاً مرادفاً له مشتملاً على حروفه ولا تضعيف فيه فكان التضعيف في مرادفه لأجل الدلالة على الزيادة في معنى الفعل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.