الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَكُبۡكِبُواْ فِيهَا هُمۡ وَٱلۡغَاوُۥنَ} (94)

قوله : { فَكُبْكِبُواْ } : أي : أُلْقُوا ، وقُلِبَ بعضُهم/ على بعض . قال الزمخشري : " الكَبْكَبَةُ تكريرُ الكَبِّ . جَعَلَ التكريرَ في اللفظِ دليلاً على التكريرِ في المعنى " . وقال ابن عطية نحواً منه ، قال : " وهو الصحيحُ لأنَّ تكريرَ الفعلِ بَيِّنٌ نحو : صَرَّ وصَرصَرَ " وهذا هو مذهب الزجاج . وفي مثل هذا البناءِ ثلاثةُ مذاهبَ ، أحدها : هذا . والثاني : وهو مذهبُ البصريين أنَّ الحروفَ كلَّها أصولٌ . والثالث وهو قول الكوفيين أنَّ الثالثَ مُبْدَلٌِ من مثلِ الثاني ، فأصل كَبْكَبَ : كَبَّبَ بثلاثِ باءات . ومثلُه : لَمْلَمَ وكَفْكَفَ . هذا إذا صَحَّ المعنى بسقوطِ الثالث . فأمَّا إذا لم يَصِحَّ المعنى بسقوطِه كانَتْ كلُّها أصولاً من غيرِ خلافٍ نحو : سِمسِم وخِمْخِم .

وواو " كُبْكِبوا " قيل : للأصنام ؛ إجراءً لها مُجْرى العقلاءِ . وقيل : لعابديها .