تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر [ حال ]{[26279]} السعداء - ولهذا سُمّي القرآن مثاني - فقال : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ } أي : لله في الدنيا { فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } أي : في الآخرة وهو الجنة ، قد أمنوا فيها من الموت والخروج ، ومن كل هم وحزن وجزع{[26280]} وتعب ونصب ، ومن الشيطان وكيده ، وسائر الآفات والمصائب .


[26279]:- (1) زيادة من ت.
[26280]:- (2) في م: "وجوع".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الْمُتّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مّتَقَابِلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين اتقوا الله بأداء طاعته ، واجتناب معاصيه في موضع إقامة ، آمنين في ذلك الموضع مما كان يخاف منه في مقامات الدنيا من الأوصاب والعلل والأنصاب والأحزان .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فِي مَقامٍ أمِينٍ ؛ فقرأته عامة قرّاء المدينة «في مُقامٍ أمِينٍ » بضم الميم ، بمعنى : في إقامة أمين من الظعن . وقرأته عامة قرّاء المصرين الكوفة والبصرة فِي مَقامٍ بفتح الميم على المعنى الذي وصفنا ، وتوجيها إلى أنهم في مكان وموضع أمين .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ المُتّقِينَ فِي مَقَامٍ أمِينٍ إي والله ، أمين من الشيطان والأنصاب والأحزان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

ثم ذكر تعالى حالة المتقين بعقب ذكر حالة الكافر ليبين الفرق .

وقرأ نافع وابن عامر : «في مُقام » بضم الميم ، وهي قراءة أبي جعفر وشيبة وقتادة وعبد الله بن عمر بن الخطاب والحسن والأعرج . وقرأ الباقون : «في مَقام » بفتحها ، وهي قراءة أبي رجاء وعيسى ويحيى والأعمش .

و : { أمين } يؤمن فيه الغير ، فكأنه فعيل بمعنى مفعول ، أي مأمون فيه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

استئناف ابتدائي انتقل به الكلام من وصف عذاب الأثيم إلى وصف نعيم المتقين لمناسبة التضاد على عادة القرآن في تعقيب الوعيد بالوعد والعكس .

والمُقام بضم الميم : مكان الإقامة . والمَقام بفتح الميم : مكان القيام ويتناول المسكن وما يتبعه . وقرأه نافع وابنُ عامر وأبو جعفر بضم الميم . وقرأه الباقون بفتح الميم .

والمراد بالمُقام المكان فهو مجاز بعلاقة الخصوص والعموم .

والأمين بمعنى الآمِن والمراد : الآمن ساكنه ، فوصفه ب { أمين } مجاز عقلي كما قال تعالى : { وهذا البلد الأمين } [ التين : 3 ] . والأمن أكبر شروط حسن المكان لأن الساكن أولُ ما يتطلب الأمن وهو السلامة من المكاره والمخاوف فإذا كان آمناً في منزله كان مطمئن البال شاعراً بالنعيم الذي يناله .