اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

قوله تعالى : { إِنَّ المتقين فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } لما ذكر وعيد الكفار أردفه بِآيَاتِ الوعْد فقال : «إنْ المُتَّقِينَ » قال أهل السنة : كل من اتقى الشرك صدق عليه أنه متق ، فوجب أن يدخل الفساق هذا الوعد فقال : فِي مَقَام أَمِينٍ{[50441]} . وقرأ أهل المدينة{[50442]} والشام بضمِّ ميم «مُقَام » على المصدر ، أي في إقامة وقرأ الباقون فتح الميم أي في مَجْلِس أمنين أمنوا فيه من الغير{[50443]} . قال الزمخشري ( المقام ) بفتح الميم هو موضع القيام والمراد المكان وهو من الخاص الذي جُعل مستعملاً في المعنى العام وبالضم هو موضع الإقامة ، والأمين من قولك : أَمِنَ الرَّجُلُ أمَانَةً فَهُو أَمِينٌ وهو ضد الخائن . فوصف به المكان استعارة ؛ لأن المكان المخيف كأنه يَخُون صَاحِبَه{[50444]} .


[50441]:السابق.
[50442]:وهم نافع وابن عامر، وأبو جعفر والأعمش.
[50443]:انظر الإتحاف 389 والرازي 27/253 والكشاف 3/507.
[50444]:المراجع السابقة.