فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ} (51)

ثم ذكر سبحانه مستقر المتقين فقال : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( 51 ) } .

{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ } الذين اتقوا الكفر والمعاصي { فِي مَقَامٍ } قرأ الجمهور مقام بفتح الميم وهو موضع القيام ، وقرئ بضمها وهو موضع الإقامة قاله الكسائي وغيره وهما سبعيتان . وقال الجوهري قد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة وقد يكون بمعنى موضع القيام ، والمراد المكان وهو من الخاص الذي وقع مستعملا في معنى العموم ، ثم وصف المقام بقوله :

{ أَمِينٍ } يأمن فيه صاحبه من جميع المخاوف ، قال النسفي : هو من أمن الرجل أمانة فهو أمين وهو ضد الخائن فوصف به المكان استعارة ؛ لأن المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقي فيه من المكاره . انتهى .

وأصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف . والأمن والأمان والأمانة في الأصل مصادر ، ويستعمل الأمان تارة اسما للحالة التي عليها الإنسان في الأمن ، وتارة لما يؤمن عليه الإنسان كقوله : { وتخونوا أماناتكم } أي ما ائتمنتم عليه .