تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠} (15)

وقوله : { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ } أي : يطوف عليهم الخَدَم بأواني الطعام ، وهي من فضة ، وأكواب الشراب وهي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠} (15)

وقوله : وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضّةٍ وأكْوَابٍ كانَتْ قَوَارِيرا يقول تعالى ذكره : ويُطاف على هؤلاء الأبرار بآنية من الأواني التي يشربون فيها شرابهم ، هي من فضة كانت قوارير ، فجعلها فضة ، وهي في صفاء القوارير ، فلها بياض الفضة وصفاء الزجاج . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بآنِيَةٍ مِنْ فِضّةٍ وأكْوابٍ كانَتْ قَوَارِيرَ يقول : آنية من فضة ، وصفاؤها وتهيؤها كصفاء القوارير .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد من فضة ، قال : فيها رقة القوارير في صفاء الفضة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : صفاء القوارير وهي من فضة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بآنِيَةٍ مِنْ فِضّةٍ أي صفاء القوارير في بياض الفضة .

وقوله : وأكْوابٍ يقول : ويُطاف مع الأواني بجرار ضِخام فيها الشراب ، وكلّ جرّة ضخمة لا عروة لها فهي كوب ، كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وأكْوَابٍ قال : ليس لها آذان . وقد :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان بهذا الحديث بهذا الإسناد عن مجاهد ، فقال : الأكواب : الأقداح .

وقوله : كانَتْ قَوَارِيرَ يقول : كانت هذه الأواني والأكواب قوارير ، فحوّلها الله فضة . وقيل : إنما قيل : ويطاف عليهم بآنية من فضة ، ليدلّ بذلك على أن أرض الجنة فضة ، لأن كل آنية تُتّخذ ، فإنما تُتّخذ من تُرْبة الأرض التي فيها ، فدلّ جلّ ثناؤه بوصفة الاَنية متى يطاف بها على أهل الجنة أنها من فضة ، ليعلم عباده أن تربة أرض الجنة فضة .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله «قوارير ، وسلاسل » ، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة غير حمزة : سلاسلاً ، وقواريرا قَوارِيرا بإثبات الألف والتنوين وكذلك هي في مصاحفهم وكان حمزة يُسْقط الألِفات من ذلك كله ، ولا يجري شيئا منه وكان أبو عمرو يُثبت الألف في الأولى من قوارير ، ولا يثبتها في الثانية ، وكلّ ذلك عندنا صواب ، غير أن الذي ذَكَرت عن أبي عمرو أعجبهما إليّ ، وذلك أن الأوّل من القوارير رأس آية ، والتوفيق بين ذلك وبين سائر رؤوس آيات السورة أعجب إليّ إذ كان ذلك بإثبات الألفات في أكثرها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠} (15)

و { آنية } جمع إناء . و { الكوب } ما لا عروة له ولا أذن من الأواني ، وهي معروفة الشكل في تلك البلاد . وهو الذي تقول له العامة القب ، لكنها تسمي بذلك ما له عروة . وذلك خطأ أيضاً . وقال قتادة : الكوب القدح . والقوارير : الزجاج .

واختلف القراء فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم «قواريراً قواريراً » بالإجراء فيهما على ما قد تقدم في قوله «سلاسلاً »{[11519]} ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «قراريرَ قراريرَ » بترك الإجراء فيهما{[11520]} ، وقرأ ابن كثير «قواريراً » بالإجراء في الأول «قواريرَ » بترك الإجراء في الثاني{[11521]} ، وقرأ أبو عمرو «قواريرا » ، ووقف بألف دون تنوين «قواريرَ » بترك الإجراء في الثاني .


[11519]:يعني بتنوينهما وصلا وإبدال التنوين ألفا في الوقف.
[11520]:يعني بمنع صرفهما، وهي قراءة حفص عن عاصم.
[11521]:يعني بصرف الأول ومنع الصرف في الثاني.