فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠} (15)

ولما وصف تعالى طعامهم ولباسهم ومسكنهم وصف سرابهم بقوله { ويطاف عليهم } وقال هنا يطاف وفيما بعد يطوف لأن المقصود في الأول ما يطاف به لا الطائفون بقرينة قوله : { بآنية من فضة وأكواب } والمقصود في الثاني الطائفون ، فذكر في كل منهما ما يناسبه كما أشار إليه في التقرير ، والمعنى يدور عليهم الخدم إذا أرادوا الشراب بآنية الفضة ، والآنية جمع إناء والأصل أأنية بهمزتين الأولى مزيدة للجمع ، والثانية فاء الكلمة فقلبت الثانية ألفا وجوبا ، وهذا نظير كساء وأكسية وغطاء وأغطية ونظيره في الصحيح اللام حمار وأحمرة قاله السمين وهو وعاء الماء .

والأكواب جمع كوب وهو الكوز العظيم والإبريق الذي أذن له ولا عروة ، وهو من عطف الخاص على العام ، ولم تنف الآية آنية الذهب ، بل نبه سبحانه بذكر أحدهما على الآخر كقوله { تقيكم الحر } والمعنى قد يسقون في أواني الفضة ، وقد يسقون في أواني الذهب وقد مضى تفسيره في سورة الزخرف .

{ كانت قواريرا } بتكوين الله تعالى تفخيما لتك الخلقة العجيبة الشأن الجامعة بين صفتي الجوهرين المتباينين وكذا كان مزاجها كافورا .