تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

يقول تعالى لرسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه : قل : يا أيها الناس إن كنتم في شك من صحة ما جئتكم من الدين الحنيف ، الذي أوحاه الله إلي ، فها أنا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، ولكن أعبد الله وحده لا شريك له ، وهو الذي يتوفاكم كما أحياكم ، ثم إليه مرجعكم ؛ فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون الله{[14446]} حقا ، فأنا لا أعبدها{[14447]} فادعوها فلتضرني ، فإنها لا تضر ولا تنفع ، وإنما الذي بيده الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له ، وأمرت أن أكون من المؤمنين .


[14446]:- في أ : "من دون الله من شيء حقا".
[14447]:- في ت : "أعبد".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنّكَ إِذاً مّنَ الظّالِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ولا تدع يا محمد من دون معبودك وخالقك شيئا لا ينفعك في الدنيا ولا في الاَخرة ولا يضرّك في دين ولا دنيا ، يعني بذلك الاَلهة والأصنام ، يقول : لا تعبدها راجيا نفعها أو خائفا ضرّها ، فأنها لا تنفع ولا تضرّ ، فإن فعلت ذلك فدعوتها من دون الله فإنّكَ إذا مِنَ الظّالِمِينَ يقول : من المشركين بالله ، الظالم لنفسه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

{ ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك } بنفسه أن دعوته أو خذلته . { فإن فعلت } فإن دعوته { فإنك إذا من الظالمين } جزاء للشرك وجواب لسؤال مقدر عن تبعة الدعاء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

وقوله { ولا تدع } معناه قيل لي : { ولا تدع } فهو عطف على { أقم } ، وهذا الأمر والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت هكذا فأحرى أن يتحرز من ذلك غيره ، وما لا ينفع ولا يضر هو الأصنام والأوثان ، والظالم الذي يضع الشيء في غير موضعه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

عطف على { ولا تكونن من المشركين } [ يونس : 105 ] . ولم يؤكد الفعل بنون التوكيد ؛ لئلا يمنع وجودها من حذف حرف العلة بأن حذفه تخفيف وفصاحة ، ولأن النهي لما اقترن بما يومىء إلى التعليل كان فيه غنية عن تأكيده لأن الموصول في قوله : { ما لا يَنفعك ولا يضرك } يومىء إلى وجه النهي عن دعائك ، إذ دعاء أمثالها لا يقصده العاقل .

و { من دون الله } اعتراض بين فعل { تدع } ومفعوله ، وهو إدماج للحث على دعائه الله .

وتفريع { فإن فعلت } على النهيين للإشارة إلى أنه لا معذرة لمن يأتي ما نهي عنه بعد أن أكد نهيه وبينت علته ، فمن فعله فقد ظلم نفسه واعتدى على حق ربه .

وأكّد الكون من الظالمين على ذلك التقدير ب ( إنّ ) لزيادة التحذير ، وأُتي ب ( إذن ) للإشارة إلى سؤال مقدر كأن سائلاً سأل : فإن فعلت فماذا يكون ؟ .

وفي قوله : { من الظالمين } من تأكيدٍ مثل ما تقدم في قوله : { من المشركين } [ يونس : 105 ] ونظائره .

والمقصود من هذا الفرض تنبيه الناس على فظاعة عظم هذا الفعل حتى لو فعله أشرف المخلوقين لكان من الظالمين ، على حد قوله تعالى : { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك } [ الزمر : 65 ] .