اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

قوله تعالى : { ولا تَدْعُ } يجُوزُ أن تكون هذه الجملة استئنافية ، ويجوز أن تكون عطفاً على جملة الأمر وهي : " أَقِمْ " فتكون داخلة في صلة " أنْ " بوجهيها ، أعني كونها تفسيرية أو مصدرية وقد تقدم .

وقوله : " مَا لاَ ينفعُك " يجوز أن تكون نكرةً موصوفةً ، وأن تكون موصولةً .

قوله : " فإنَّكَ " هو جوابُ الشَّرطِ و " إذَنْ " حرفُ جوابِ توسَّطتْ بين الاسم ، والخبرِ ، ورتبتها التَّأخيرُ عن الخبرِ ، وإنَّما وُسِّطتْ رعياً للفواصل . وقال الزمخشري : " إذَنْ " جواب الشَّرطِ وجوابٌ لسؤالٍ مقدَّر ، كأنَّ سائلاً سأل عن تبعة عبادة الأوثان .

وفي جعله " إذَنْ " جزاءً للشَّرطِ نظرٌ ، إذ جوابُ الشَّرطِ محصورٌ في أشياء ليس هذا منها .

فصل

المعنى : " ولا تَدْعُ " أي : ولا تعبد " مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُكَ " إن أطعته : " ولا يَضُرُّكَ " إن عصيتهُ " فإن فعلْتَ " فعبدتَ غير الله ، أو لو اشتغلت بطلب المنفعة ، والمضرَّةِ من غير الله { فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظالمين } الضَّارين لأنفسهم ، الواضعين للعبادة في غير موضعها ؛ لأنَّ الظلم عبارة عن وضع الشيء في غير وضعه .