تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذٗا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (106)

106 { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ . . . }

تستأصل هذه الآيات شأفة الشرك في القلوب ؛ فقد أمرت الآيات السابقة بالإيمان ، وإخلاص الوجه لله ، والبعد عن الشرك بالكلية ، أي : لا يقصد الإنسان بعمله إلا وجه الله ، وفي الآية الكريمة : { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ } ترسيخ لدعوة التوحيد ، وإخلاص الوجه لله ؛ فهو سبحانه النافع الضار ، الخالق المبدئ المعيد ، الفعال لما يريد ؛ فالواجب أن نتوجه إليه وحده بالعبادة والسؤال والطلب ، أما الأصنام والأوثان ، وزيارة القبور والتوسل بهم ، والطلب منهم ، فهو انحراف عن الجادة ، وخروج عن النهج القويم .

لقد أمرنا الله ، بإخلاص العبادة ، والبعد عن الشرك فقال تعالى : { ولا تكونن من المشركين } . ( الأنعام : 14 ) .

وأخرج الإمام أحمد والطبراني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أيها الناس ، اتقوا هذا الشرك ؛ فإنه أخفى من دبيب النمل ) .

{ فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين } .

الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو موجه للمسلمين عامة في جميع العصور ، والمعنى : إن دعوت من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك ؛ فإنك حينئذ تكون من الظالمين لأنفسهم بالشرك ، والتوجه بالدعاء وهو مخ العبادة إلى غير الله ، وبهذا حرر الإسلام القلوب والنفوس ، من أن تذل لصنم أو بشر أو منصب أو جاه ، وركز في قرارة النفوس ، اليقين الجازم بأن النافع والضار هو الله تعالى وحده .

من هدى السنة النبوية

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، قال : كنت رديف النبي صلى الله على بغلته ، فقال لي : ( يا غلام ، هل أعلمك كلمات ينفعك الله بها ) ، قلت : بلى يا رسول الله ، علمني ، فقال : ( يا غلام ، احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . xl أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .