صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

{ عرضنا الأمانة . . . } هي التكاليف والفرائض . أو كل ما يؤتمن عيه من أمر ونهي ، وشأن دين ودنيا . وسميت أمانة لأنها حقوق أردعها المكلفين وائتمنهم عليها ، وأوجب عليهم مراعاتها والمحافظة عليها ، وأدائها من غير إخلال بشيء منها . ونقل القرطبي عن القفال وغيره : أن العرض في الآية ضرب مثل ، أي أن هذه الأجرام على عظمها لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع ؛ لما فيها من العقاب والثواب . أي أن التكليف أمر حقه أن تعجز عنه السموات والأرض والجبال ، وقد حمله الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل . وفي القرآن من ضرب الأمثال كثير .

قيل : الآية من المجاز ؛ أي أنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السموات والأرض والجبال ، رأينا أنها لا تطيقها ، وأنها لو تكلمت لأبت وأشفقت ؛ فعبّر عن هذا بعرض الأمانة . كما تقول : عرضت الحمل على البعير فأباه ؛ وأنت تريد قايست قوته بثقل الحمل فرأيت أنها تقصر عنه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا} (62)

ولما سن لهم هذا العذاب الهائل في الدنيا ، بين أن تلك عادته في أوليائه وأعدائه ، فقال مؤكداً بالإقامة في موضع المصدر ، لما لهم من استبعاد ذلك لكونهم لم يعهدوا مثله مع ما لهم من الاشتباك بالأهل{[56094]} والعشائر فقال : { سنة الله } أي طرّق لك{[56095]} المحيط بجميع العظمة هذه{[56096]} الطريقة كطريقته { في الذين خلوا } أي مضت أيامهم وأخبارهم ، وانقضت وقائعهم وأعمارهم ، من الذين كانوا ينافقون على الأنبياء كقارون وأشياعه ، وبين قتلهم بكونهم في بعض الأزمنة فقال : { من قبل } وأعظم التأكيد لما لهم من الاستبعاد الذي جرأهم على النفاق فقال : { ولن تجد } أي أزلاً{[56097]} وأبداً { لسنة الله } أي طريقة الملك الأعظم { تبديلاً * } كما تبدل سنن الملوك ، لأنه لا يبدلها ، ولا مداني له في العظمة ليقدر على تبديلها{[56098]} .


[56094]:زيد من ظ وم ومد.
[56095]:زيد من ظ وم ومد.
[56096]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عظمة.
[56097]:في ظ وم ومد: أصلا.
[56098]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تبدلها.