{ وجنات ألفافا } بساتين ملتفة الشجر لتقارب أغصانها . و " ألفافا " اسم جمع لا مفرد له ؛ كالأوزاع للجماعات المتفرقة . وقيل : جمع لفيف ؛ كأشراف وشريف . وبعد أن بين الله بهذه الدلائل المشاهدة قدرته الباهرة ليلزمهم الحجة في أمر البعث حتى لا يجدوا سبيلا إلى جحوده هددهم أشد التهديد ببيان أن الساعة آتية لا محالة ، وفيها فصل القضاء بين الحق والباطل ، والحساب والجزاء فقال : { إن يوم الفصل كان ميقاتا }
جنات : واحدها جنة ، وهي الحدائق والبساتين .
ألفافا : ملتفة الأغصان ، كثيرة الشجر .
وحدائقَ وبساتينَ ذاتَ أشجارٍ ملتفة ، وأغصانٍ متشابكة .
والمطرُ هو المصدر الوحيد للماءِ العذْب على الأرض . والأصل فيه تكاثُف أبخِرةِ الماء المتصاعدة من المحيطات والبحار وتشكُّله في صورة سحب ، تتحولُ إلى نقط من الماء أو قطع من الثلج ، وتتساقط على الأرض بقدرة الله تعالى على هيئة مطر أو ثلج أو بَرَد .
{ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا } أي : بساتين ملتفة ، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة .
فالذي أنعم عليكم بهذه النعم العظيمة{[1336]} ، التي لا يقدر قدرها ، ولا يحصى عددها ، كيف [ تكفرون به و ] تكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور ؟ ! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها ؟ "
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يعني وبساتين ملتفة بعضها إلى بعض من كثرة الشجر...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
ولنخرج بذلك الغيث جنات وهي البساتين وقال: وجنات، والمعنى: وثمر جنات، فترك ذكر الثمر استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره. وقوله: ألْفافا يعني: ملتفة مجتمعة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
وإنما قال (جنات) لأن الشجر يجنها أي يسترها و (الألفاف) الأخلاط المتداخلة يدور بعضها على بعض...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ووجه إيثار لفظ {جنات} أن فيه إيماء إلى إتمام المنة لأنهم كانوا يحبون الجنات والحدائق لما فيها من التنعم بالظِّلال والثمار والمياه وجمال المنظر، ولذلك أتبعت بوصف {ألفافاً} لأنه يزيدها حسناً، وإن كان الفلاحون عندنا يفضلون التباعد بين الأشجار لأن ذلك أوفر لكمية الثمار لأن تباعدها أسعد لها بتخلل الهواء وشعاع الشمس، لكن مساق الآية هنا الامتنان بما فيه نعيم الناس.
وألفاف: اسم جمع لا واحد له من لفظه وهو مثل أوزاع وأخياف، أي كل جنة ملتفة، أي ملتفة الشجر بعضه ببعض.
فوصف الجنات بألفَاف مبنيّ على المجاز العقلي لأن الالتفاف في أشجارها ولكن لما كانت الأشجار لا يَلتفّ بعضها على بعض في الغالب إلا إذا جمعتها جنة أسند ألفاف إلى جنات بطريق الوصف.
ولعله من مبتكرات القرآن إذ لم أر شاهداً عليه من كلام العرب قبل القرآن...
وبهذا الاستدلال والامتنان ختمت الأدلة التي أقيمت لهم على انفراد الله تعالى بالإلهية وتضمنت الإِيماء إلى إمكان البعث وما أدمج فيها من المنن عليهم عساهم أن يذكروا النعمة فيشعروا بواجب شكر المنعم ولا يستفظعوا إبطال الشركاء في الإلهية وينظروا فيما بلغهم عنه من الإِخبار بالبعث والجزاء فيصرفوا عقولهم للنظر في دلائل تصديق ذلك.
وقد ابتدئت هذه الدلائل بدلائل خلق الأرض وحالتها وجالت بهم الذكرى على أهم ما على الأرض من الجماد والحيوان، ثم ما في الأفق من أعراض الليل والنهار. ثم تصاعد بهم التجوال بالنظر في خلق السماوات وبخاصة الشمس ثم نُزل بهم إلى دلائل السحاب والمطر فنزلوا معه إلى ما يخرج من الأرض من بدائع الصنائع ومنتهى المنافع فإذا هم ينظرون من حيث صَدروا وذلك من رد العجز على الصدر.
" وجنات " أي بساتين " ألفافا " أي ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها ، ولا واحد له كالأوزاع والأخياف . وقيل : واحد الألفاف لف بالكسر ولف بالضم . ذكره الكسائي ، قال :
جنة لُفٌّ وعيشٌ مغدِق *** ونَدَامَى كلُّهُمْ بِيضٌ زُهُرْ
وعنه أيضا وأبي عبيدة : لفيف كشريف وأشراف . وقيل : هو جمع الجمع . حكاه الكسائي . يقال : جنة لفاء ونبت لف والجمع لف بضم اللام مثل حمر ، ثم يجمع اللف ألفافا . الزمخشري : ولو قيل جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان وجيها . ويقال : شجرة لفاء وشجر لف وامرأة لفاء : أي غليظة الساق مجتمعة اللحم . وقيل : التقدير : ونخرج به جنات ألفافا ، فحذف لدلالة الكلام عليه . ثم هذا الالتفاف والانضمام معناه أن الأشجار في البساتين تكون متقاربة ، فالأغصان من كل شجرة متقاربة{[15741]} لقوتها .
ولما كان من المشاهد الذي لا يسوغ إنكاره أن في الأرض من البساتين ما يفوت الحصر ، عبر بجمع{[71104]} القلة تحقيراً له بالنسبة إلى باهر العظمة ونافذ الكلمة فقال : { وجنات } أي بساتين تجمع أنواع الأشجار والنبات{[71105]} المقتات وغيره { ألفافاً * } أي ملتفة الأشجار مجتمعة بعضها إلى بعض من شدة الري ، جمع لف كجذع{[71106]} ، قال البغوي{[71107]} : وقيل : هو جمع الجمع ، يقال : جنة لفاء ، وجمعها لف - بضم اللام ، وجمع الجمع ألفاف . وتضمن هذا الذي ذكره المياه النابعة الجارية والواقفة ، فاكتفى بذكره عن ذكرها ، قال مقاتل : وكل من هذا الذي ذكر أعجب من البعث .
قوله : { وجنات ألفافا } ألفافا ، صفة لجنات ، أي لنخرج بالماء الغزير الصباب النازل من المعصرات بساتين لكم { ألفافا } أي مجتمعة ، ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها . وليس لألفاف مفرد . وقيل ، مفرده لف بالكسر . وقيل بالضم{[4734]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.