اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَنَّـٰتٍ أَلۡفَافًا} (16)

«وجَنَّاتٍ » أي : بساتين «ألْفَافاً » أي : مُلتفَّا بعضها ببعض كتشعيب أعضائها .

وفي الألفاف وجوه :

أحدها : أنه لا واحد له .

قال الزمخشري : «ألْفافاً » : مُلتفَّة ، ولا واحد له ك «الأوزاع » والأخْيَاف .

والثاني : أنَّه جمعُ «لِفٍّ » - بكسر اللام - فيكون نحو : «سِرّ وأسرار » ؛ وأنشد أبو عليٍّ الطوسِيُّ : [ الرمل ]

5073- جَنَّةٌ لِفٌ وعَيْشٌ مُغْدِقٌ *** ونَدامَى كُلُّهمْ بِيضٌ زُهُرْ{[59123]}

وهذا قول أكثر أهل اللغة ، ذكره الكسائي .

الثالث : أنه جمع «لَفِيفٍ » . قاله الكسائي ، وأبو عبيدة ك «شريف » و«أشراف » ، و«شهيد » و«أشهاد » ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]

5074- أحَابيشُ ألْفَافٍ تَبايَنَ فَرْعهُمْ *** وحَزْمُهُمْ عَنْ نِسْبَةِ المُتعَرفِ{[59124]}

الرابع : أنَّه جمعُ الجميع ، وذلك أنَّ الأصل : «لُفّ » في المذكر ، و «لَفَّاء » في المؤنث ك «أحْمَر وحَمْرَاء » ، ثُمَّ جمع «لُف » على «ألفَاف » إذ صار «لف » زنة «فعل » جمع جمعه قاله ابن قتيبة .

إلا أنَّ الزمخشري قال : وما أظنه واجداً له نظيراً من نحو : «خضر وأخضار ، وحمر وأحمار » .

قال شهاب الدين{[59125]} : كأنه يستبعد هذا القول من حيث إنَّ نظائرهُ لا تجمع على «أفْعَال » إذ لا يقال : «خضر ولا حمر » ، وإن كانا جمعين ل «أحمر وحمراء ، وأخضر وخضراء » ، وهذا غير لازم ؛ لأن جمع الجمع لا ينقاس ، ويكفي أن يكون له نظير في المفردات ، كما رأيت من أن «لفَّاء » صار يضارع «فَعْلاء » ، ولهذا امتنعوا من تكسير «مفَاعِل ومفَاعِيْل » لعدم نظيره في المفردات يحملان عليه .

الخامس : قال الزمخشريُّ : «ولو قيل : هو جمع : » ملتفّة «بتقدير حذف الزوائد لكان قولاً وجيهاً » .

وهذا تكلُّف لا حاجة إليه .

وأيضاً : فغالب عبارات النحاة في حذف الزوائد إنما هو في التصغير ، يقولون : تصغير الترخيم بحذف الزوائد ، وفي المصادر يقولون : هذا المصدر على حذف الزوائد .

قال القرطبي{[59126]} : ويقال : شجرة لفَّاء ، وشجر لفٌّ ، وامرأة لفَّاء ، أي : غليظةُ السَّاقِ مجتمعة اللحم .

وقيل : التقدير : ونُخْرِجُ به جنَّاتٍ ألفافاً ، ثم حذف لدلالة الكلام عليه .


[59123]:ينظر الكشاف 4/687، والقرطبي 19/114، والبحر 8/404، والدر المصون 6/463.
[59124]:ينظر الدر المصون 6/463.
[59125]:ينظر الدر المصون 6/463.
[59126]:الجامع لأحكام القرآن 19/114.