وبعد أن بين حالَ المنافقين وفضحهم وكشف دسائسهم ومؤامراتهم اتجه إلى المؤمنين يؤدبهم بأدب القرآن ، ويذكّرهم بأن الأموال والأولاد والدنيا بأسرها
لا قيمة لها من غير إيمان خالص ، وإنفاق في سبيل الله ، وأن كل إنسان له أجل لا بد منتهٍ إليه ، والله خبير بما يعملون .
فعلى المؤمنين أن لا يكونوا مثل المنافقين ، فلا تلهيهم أموالهم ولا أولادهم عن ذكر الله آناء الليل وإطراف النهار ، وعليهم أن يؤدوا ما فُرض عليهم من العبادات .
{ 9-11 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإكثار من ذكره ، فإن في ذلك الربح والفلاح ، والخيرات الكثيرة ، وينهاهم أن تشغلهم أموالهم وأولادهم عن ذكره ، فإن محبة المال والأولاد مجبولة عليها أكثر النفوس ، فتقدمها على محبة الله ، وفي ذلك الخسارة العظيمة ، ولهذا قال تعالى : { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ } أي : يلهه ماله وولده ، عن ذكر الله { فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } للسعادة الأبدية ، والنعيم المقيم ، لأنهم آثروا ما يفنى على ما يبقى ، قال تعالى : { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .
حذر المؤمنين أخلاق المنافقين ، أي لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المنافقون إذ قالوا - للشح بأموالهم - : لا تنفقوا على من عند رسول الله . " عن ذكر الله " أي عن الحج والزكاة . وقيل : عن قراءة القرآن . وقيل : عن إدامة الذكر . وقيل : عن الصلوات الخمس ، قاله الضحاك . وقال الحسن : جمع الفرائض ، كأنه قال عن طاعة الله . وقيل : هو خطاب للمنافقين ، أي آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب . " ومن يفعل ذلك " أي من يشتغل بالمال والولد عن طاعة ربه " فأولئك هم الخاسرون " .
قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون 9 وأنفقوا من مّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين 10 ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون } .
يحذر الله عباده المؤمنين أن تشغلهم الأموال والأولاد والمنافع الدنيوية عن عبادة ربهم وطاعته . فهذه الأسباب ملهاة كبيرة تنشغل بها القلوب والعقول عن الطاعات وعن كل وجوه التقرب إلى الله من صلاة وزكاة وجهاد وحج وأمر بمعروف ونهي عن منكر .
وهو قوله : { لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } يعني من يلهه ماله وولده ومنفعته عن عبادة الله وعن أمور دينه وواجباته فقد خسر نفسه بحرمانها الخير والنجاة في الآخرة وتصليتها العذاب الأليم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.