الآية 9 وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله } اختلف فيه :
فمنهم من قال : هذه الآية في المنافقين ، ومنهم من قال : في المؤمنين .
فإن كانت في المنافقين فكأنه يقول : يا أيها الذين أظهرتم بلسانكم الإيمان { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله } وإن كانت في المؤمنين فكأنه قال : يا أيها الذين حققوا الإيمان { تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله }
ثم اختلفوا في معنى الذكر : فمنهم من قال : معناه القرآن على مثال قوله : { قد أنزل الله إليكم ذكر } { رسولا يتلوا } [ الطلاق : 10 و11 ] يعني قرآنا ورسولا ، ومنهم من قال : معنى الذكر التوحيد .
فإن كان تأويله القرآن فهو يتوجه إلى المنافقين والمؤمنين جميعا .
فإن كان في المنافقين فكأنه قال : { لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم } عن النظر والتأمل في القرآن ، لأن الله تعالى بين أمورا ، تظهر [ سرائركم وما يظهر عندكم ]{[21300]} أن الرسول ، لا يختلقه من تلقاء نفسه ، وأنه إنما يقوله بالوحي . فكأنه يقول : إذا تأملتم النظر في القرآن حملكم ذلك على التحقيق في الإيمان ، فلا يحملكم حب المال والولد على ترك التأمل في القرآن لأنكم إذا نظرتم فيه ، وتأملتم ، حصلتم منه على تحقيق الإيمان ، والله أعلم .
وإن كان في المؤمنين فمعناه { لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم } عن النظر في القرآن فإنكم إذا نظرتم فيه صرتم من أهله ، وجل قدركم .
وإن كان المراد من الذكر التوحيد فهو راجع إلى الناس كافة .
فأما المؤمنون فكأنه حذرهم من حب المال والولد أن تحملهم غاية حبهما على أن ينسوا وحدانية الله والإيمان بالرسل والبعث ؛ فكأنه يقول : { لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم } كما ألهت{[21301]} الكفرة ، فيحذرهم عن أن يقعوا في الهلاك من حبهما{[21302]} كما قال { واتقوا النار التي أعدت للكافرين } [ آل عمران : 131 ] يعني اتقوا الذي يفضي بكم إلى النار المعدة للكافرين . فكذلك الأول .
[ وأما المنافقون ]{[21303]} فكأنه قال : لا يحملكم حب المال والولد أن تتركوا حقيقة الإيمان والتوحيد له والطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم .
وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } فعلى ما ذكرنا من التأويلين في إنكار البعث والتوحيد ظاهر ، وإن كان في المؤمنين فمعنى الخسار{[21304]} الخوف من أن يقع به الوعيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.