اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله } .

حذَّر المُؤمنين أخلاق المنافقين ، أي : لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المُنافقُون إذ قالُوا - لأجْلِ الشُّحِّ بأموالهم - : { لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ } .

وقوله : { عَن ذِكْرِ الله } .

أي : عن الحجِّ والزكاة .

وقيل : عن قراءة القرآن .

وقيل : عن إدامة الذكر .

وقال الضحاك : عن الصلواتِ الخمس{[56806]} .

وقال الحسنُ : عن جميعِ الفرائضِ{[56807]} ، كأنه قال : عن طاعة الله .

وقيل : هذا خطاب للمنافقين ، أي : آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب ، { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ } يشتغل بالمالِ والولدِ عن طاعةِ ربهِ { فأولئك هُمُ الخاسرون } .

قوله : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ } .

قال ابن عباس : يُريدُ زكاة الأمْوالِ{[56808]} .

{ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت } .

قال القرطبي{[56809]} : «هذا يدل على وجوب تعجيل إخراج الزَّكاةِ ولا يجوزُ تأخيرها أصلاً وكذلك سائر العبادات إذا دخل وقتها » .

قال ابن الخطيب{[56810]} : وبالجملة فقوله : { لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله } تنبيه على المحافظة على الذِّكرِ قبل المَوْتِ .


[56806]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/340) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (12/109).
[56807]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (18/84).
[56808]:ذكره الرازي في "تفسيره" (30/17) عن ابن عباس.
[56809]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 18/85.
[56810]:ينظر: التفسير الكبير 30/18.