فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (9)

ولما ذكر سبحانه قبائح المنافقين ، رجع إلى خطاب المؤمنين مرغبا لهم في ذكره فقال :

{ يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم } أي لا تشغلكم { أموالكم } بالتصرف فيها ، والسعي في تدبير أمرها بالنماء ، وطلب النتاج ، والاهتمام بها { ولا أولادكم } وسروركم بهم وشفقتكم عليهم ، والقيام بمؤنتهم ، حذرهم عن التشبه بالمنافقين في الاغترار عن أخلاق الذين ألهتهم أموالهم وأولاهم { عن ذكر الله } والمراد بالذكر فرائض الإسلام قاله الحسن ، وقال الضحاك : الصلوات الخمس ، وقيل : قراءة القرآن ، وقيل : الحج والزكاة ، وقيل : إدامة الذكر ، وقيل : هو خطاب للمنافقين ووصفهم بالإيمان لكونهم آمنوا ظاهرا ، والأول أولى .

" عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآية قال : هم عباد من أمتي الصالحون منهم ، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، وعن الصلوات الخمس المفروضة " أخرجه ابن مردويه .

{ ومن يفعل ذلك } أي يَلْتَهِ بالدنيا عن الدين ، ويشتغل بها عما ذكر { فأولئك هم الخاسرون } أي الكاملو الخسران في تجارتهم ، حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني .

" وهو عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدنيا ملعونة : وملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه ، وعالم ومتعلم " ، أخرجه الترمذي .