تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وقل للذين لا يؤمنون}، يعني: لا يصدقون بما في القرآن: {اعملوا على مكانتكم}، هذا وعيد، يقول: اعملوا على جديلتكم التي أنتم عليها، {إنا عاملون} على جديلتنا التي نحن عليها.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وقل}، يا محمد، للذين لا يصدّقونك ولا يقرّون بوحدانية الله: {اعْمَلُوا على مَكَانَتِكُمْ}، يقول: على هيئتكم وتمكنكم ما أنتم عاملوه، فإنا عاملون ما نحن عاملوه من الأعمال التي أمرنا الله بها، وانتظروا ما وعدكم الشيطان، فإنا منتظرون ما وعدنا الله من حربكم ونصرتنا عليكم...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... (اعملوا على مكانتكم إنا عاملون) يخرج على وجهين:
أحدهما: على التوبيخ والتخويف عندما بلغ في الحجاج، فلم ينجع فيهم، فقال ذلك...
والثاني: على الإعجاز لما أرادوا به من المكر والكيد بقوله: (اعملوا على مكانتكم إنا عاملون) اعملوا ما تريدون، وأنا أعمل...
اعلم أنه تعالى لما بلغ الغاية في الأعذار والإنذار، والترغيب والترهيب، أتبع ذلك بأن قال للرسول: {وقل للذين لا يؤمنون} ولم تؤثر فيهم هذه البيانات البالغة {اعملوا على مكانتكم إنا عاملون} وهذا عين ما حكاه الله تعالى عن شعيب عليه السلام أنه قال لقومه، والمعنى: افعلوا كل ما تقدرون عليه في حقي من الشر، فنحن أيضا عاملون.
{اعملوا} وإن كانت صيغته صيغة الأمر، إلا أن المراد منها التهديد، كقوله تعالى لإبليس: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} وكقوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما ذكر نفع هذا الحق، كان كأنه قيل: فعظهم بذلك وذكرهم به، فعطف عليه قوله: {وقل} ويجوز أن يكون معطوفاً على قوله {واصبر} أي اصبر على ما أمرناك به من تبليغ وحينا وامتثاله، وقل {للذين} أي لم تؤثر فيهم هذه الموعظة فهم {لا يؤمنون} أي لا يتجدد لهم إيمان منذراً لهم {اعملوا} متمكنين {على مكانتكم} أي طريقتكم التي تتمكنون من العمل عليها. ولما كان العمل واجباً عليه صلى الله عليه وسلم وعلى كل من تبعه فهم عاملون لا محالة سواء عمل الكفار أو لا، قال مؤكداً لأجل إنكار الكفار أن يدوموا على العمل المخالف لهم مع ما يصل إليهم لأجله من الضر، معرياً له عن فاء السبب لذلك والاستئناف: {إنا} أي أنا ومن معي {عاملون} أي ثابت عملنا لا نحول عنه لأن ما كان لله فهو دائم بدوامه سبحانه، وحذف النون الثانية اكتفاء بمطلق التأكيد لأنه كافٍ في الإعلام بالجزم في النية، وفيه تأدب بالإشارة إلى أن المستقبل أمر لا اطلاع عليه لغير الله فينبغي أن لا يبلغ في التأكيد فيه غيره، وهذا بخلاف ما في سورة فصلت مما هو جارٍ على ألسنة الكفرة...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم} أي فبشر به المؤمنين الذين يتعظون ويتذكرون، وقل للكافرين الذين لا يؤمنون فلا يتعظون: اعملوا على ما في مكنتكم أو تمكنكم واستطاعتكم من مقاومة الدعوة وإيذاء الداعي والمستجيبين له، وهذا الأمر للتهديد والوعيد، أي فسوف تلقون جزاء ما تعملون من العقاب والخذلان. {إنا عاملون} على مكانتنا من الثبات على الدعوة وتنفيذ أمر الله وطاعته...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عطف على جملة {وجاءك في هذه الحق} [هود: 120] الآية، لأنّها لما اشتملت على أنّ في هذه القصة ذكرى للمؤمنين أمَر بأن يخاطب الذين لا يؤمنون بما فيها خطاب الآيِس من انتفاعهم بالذكرى بأنه لا يعبأ بإعراضهم ولا يصدّه عن دعوته إلى الحقّ تألبهم على باطلهم ومقاومتهم الحق. فلا جرم كان قوله: {وقل للذين لا يؤمنون} عديلاً لقوله: {وموعظة وذكرى للمؤمنين} [هود: 120]. وهذا القول مأمور أن بقوله على لسانه ولسان المؤمنين...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون}. المكانة الحال، وما تمكنوا منه، والأمر للتهديد، كما تقول لمن يفعل الشر، افعل ما يبدو لك، وكما قال صلى الله عليه وسلم:" إن مما أدركه الناس من أقوال النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، وكما في قوله تعالى: {اعملوا ما شئتم 40} (فصلت). فالأمر للتهديد، وعبر الله تعالى عن المشركين بقوله تعالى: {للذين لا يؤمنون} بفعل المضارع، أي ليس عن طبيعتهم، وكيانهم أن يؤمنوا، فالكافر الجاحد تنحل عقدة الإيمان في قلبه، فلا ينعقد قلبه على إيمان، بل هو جاحد مضطرب الفكر والنفس والقلب تأسره الأهواء المتنازعة، ويسير مع أشدها انحرافا، وأقواها استهواء {اعملوا على مكانتكم}، أي على حالكم التي أنتم عليها من الغي والضلال، والاستكثار من الأموال، والأهواء والشهوات، وكل ما تمكنون منه من أهواء وشهوات ومفاسد، وبين أن المؤمنين والنبي عاملون فقال: {إنا عاملون} أي مستمرون في حالنا من إيمان، وإذعان للحق، وصبر على آذاكم والعاقبة ليست واحدة، فأنتم إلى طريق النار، وغضب الله، ونحن إلى طريق رضا الله، ولكم عبرة ممن مضوا، وقد علمتم قصصهم، ثم أكد- سبحانه وتعالى – التهديد، والبشرى للمؤمنين...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ} وتصرّفوا بما يحلو لكم في المواقع التي أنتم فيها، وخذوا حريتكم في ما تفيضون فيه من أعمال، وفي ما تتحملونه من مسؤوليات، فقد اخترتم سبيل الكفر، وتمردتم على الله في ذلك كله، {إِنَّا عَامِلُونَ} فلن نتوقف عن السير في الخط الإلهيّ مهما تحملنا من جهد، ومهما كلّفنا ذلك من تضحيات، لأننا نجد فيه الخير الذي يبني الحياة على أساس ثابت من الإيمان والعمل الصالح،...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.