اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقُل لِّلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنَّا عَٰمِلُونَ} (121)

ثم قال تعالى : { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ } .

وهذا تهديدٌ ووعيدٌ ؛ لأنَّه تعالى لمَّا بالغ في الإعذار والإنذار والتَّرغيب والتَّرهيب ، أبتع ذلك بأن قال للرسول - صلوات الله وسلامه عليه- { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ولم تؤثر فيهم هذه البيانات البالغة : { اعملوا على مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } وهذا عين ما حكاه عن شعيب- عليه السلام- أنه قال لقومه { وارتقبوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } [ هود : 93 ] . والمعنى : افعلوا كلَّ ما تقدرُون عليه في حقِّي من الشر ، فنحن أيضاً عاملون .

وقوله : " اعملُوا " وإن كان صيغته صيغة أمر ، إلاَّ أنَّ المراد به التَّهديد ، كقوله : { واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } [ الإسراء : 4 ] وكقوله : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [ الكهف : 29 ] .