الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَرَبُّكَ يَعۡلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمۡ وَمَا يُعۡلِنُونَ} (69)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وربك يعلم ما تكن صدورهم} يعني: ما تسر قلوبهم {وما يعلنون} بألسنتهم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وربك يا محمد يعلم ما تخفى صدور خلقه وهو من: أكننت الشيء في صدري: إذا أضمرته فيه، وكننت الشيء: إذا صنته، "وما يعلنون": يقول: وما يبدونه بألسنتهم وجوارحهم، وإنما يعني بذلك أن اختيار من يختار منهم للإيمان به على علم منه بسرائر أمورهم وبواديها، وإنه يختار للخير أهله، فيوفقهم له، ويولي الشرّ أهله، ويخليهم وإياه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

هذا يخرج على الوعيد لهم والتنبيه ليكونوا على حذر في ما يسرون وما يعلنون، والله أعلم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} من عداوة رسول الله وحسده {وَمَا يُعْلِنُونَ} من مطاعنهم فيه. وقولهم: هلا اختير عليه غيره في النبوّة.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ذكر تعالى في هذه الآيات أموراً يشهد عقل كل مفطور بأن الأصنام لا شركة لها فيها، فمنها علم ما في النفوس وما يجيش بالخواطر... وعبر عن القلب ب «الصدر» من حيث كان محتوياً عليه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كانت القدرة لا تتم إلا بالعلم، قال: {وربك} أي المحسن إليك المتولي لتربيتك، كما هو بالغ القدرة، فهو شامل العلم {يعلم ما تكن} أي تخفي وتستر {صدورهم} من كونهم يؤمنون على تقدير أن تأتيهم آيات مثل آيات موسى أو لا يؤمنون، ومن كون ما أظهر من أظهر منهم الإيمان بلسانه خالصاً أو مشوباً. ولما كان علم الخفي لا يستلزم علم الجلي إما لبعد أو لغط أو اختلاط أصوات يمنع تمييز بعضه عن بعض أو غير ذلك قال: {وما يعلنون} أي يظهرون، كل ذلك لديه سواء، فلا يكون لهم مراد إلا بخلقه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فهو مجازيهم بما يعلم من أمرهم، مختار لهم ما هم له أهل، من هدى أو ضلال.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف على {وربك يخلق ما يشاء ويختار} أي هو خالقهم ومركبهم على النظام الذي تصدر عنه الأفعال والاعتقادات فيكونون مستعدين لقبول الخير والشر وتغليب أحدهما على الآخر اعتقاداً وعملاً، وهو يعلم ما تخفيه صدورهم، أي نفوسهم وما يعلنونه من أقوالهم وأفعالهم. فضمير {صدورهم} عائد إلى {ما} من قوله {يخلق ما يشاء} باعتبار معناها، أي ما تكنّ صدور المخلوقات وما يعلنون. وحيث أجريت عليهم ضمائر العقلاء فقد تعين أن المقصود البشر من المخلوقات وهم المقصود من العموم في {ما يشاء} فبحسب ما يعلم منهم يختارهم ويجازيهم فحصل بهذا إيماء إلى علة الاختيار وإلى الوعد والوعيد. وهذا منتهى الإيجاز.

وفي إحضار الجلالة بعنوان {وربك} إيماء إلى أن مما تكنه صدورهم بغض محمد صلى الله عليه وسلم وتقدم {ما تُكِنُّ صدورهم وما يعلنون} آخر [النمل: 74].

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{وربك يعلم} ليطمئن رسول الله؛ لأنه سبحانه ربه، والمتولي لتربيته والعناية به، يقول له: لا تحزن مما يقولون، فأنا أعلم سرهم وجهرهم، فإن كنت لا تعرف ما يقولون فأنا أعرفه، وسوف أخبرك به، ألم يقل سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول} [المجادلة 8] فأخبره ربه بما يدور حتى في النفوس، كأنه سبحانه يقول لرسوله: إياك أن تظن أنني سأؤاخذهم بما عرفت من أفعالهم فحسب، بل بما لا تعلم مما فعلوه، ليطمئن رسول الله أنه سبحانه يحصي عليهم كل شيء.

أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :

{وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون} وهذا برهان أن الخيرة له وليس لغيره إذ الذي يعلم الظواهر والبواطن والبدايات والنهايات قبل البدء والمنتهى صاحب هذا العلم هو الذي يختار. أما الذي لا يعلم ما يكنه أخوه في صدره بل ولا ما يظهره آخر إلى جنبه أي لا يعلم عاقبته فكيف يصح منه الاختيار أو تكون له خيرة في شيء.