الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلۡعَبُونَ} (9)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{بل هم} لكن هم.

{في شك} من هذا القرآن.

{يلعبون} يعني لاهون عنه...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"بَلْ هُمْ فِي شَكّ يَلْعَبُون" يقول تعالى ذكره ما هم بموقنين بحقيقة ما يقال لهم ويخبرون من هذه الأخبار، يعني بذلك مشركي قريش، ولكنهم في شكّ منه، فهم يلهون بشكهم في الذي يخبرون به من ذلك...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{بل هم في شك يلعبون} يحتمل قوله: {بل هم في شك} في أمر القرآن.

ويحتمل {بل هم في شك} في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ونحوه، والله أعلم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

أخبر تعالى عن الكفار فقال ليس هؤلاء بموقنين بما قلناه (بل هم في شك) يعني بما أخبرناك به ووصفنا الله تعالى به (يلعبون) مع ذلك ويسخرون...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

اللَّعِبُ فِعْلٌ يجري على غير ترتيبٍ تشبيهاً باللُّعاب الذي يسيل لا على نظام مخصوص؛ فَوَصَفَ المنافقَ باللَّعبِ؛ وذلك لتردُّدِه وتحيُّرِه نتيجةَ شكِّه في عقيدته.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ثم ردّ أن يكونوا موقنين بقوله: {بَلْ هُمْ فِي شَكّ يَلْعَبُونَ} وأن إقرارهم غير صادر عن علم وتيقن، ولا عن جدّ وحقيقة: بل قول مخلوط بهزء ولعب.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{بل هم في شك} إضراب قبله نفي مقدر، كأنه يقول: ليس هؤلاء ممن يؤمن ولا ممن يتبع وصاة، بل هم في شك يلعبون في أقوالهم وأعمالهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان أكثرهم منكراً لما لزمه القطع به بهذا البرهان الزاهر والسلطان الظاهر القاهر عناداً ولدداً وإن كان باطنه على غير ذلك، فكان فعله فعل الشاك اللاعب، كان التقدير لأجل ما يظهر من حالهم: لكنكم غير موقنين بعلم من العلوم، بنى عليه قوله مع الصرف إلى الغيبة إعراضاً عنهم إيذاناً بالغضب، وأنهم أهل للمعاجلة بالعطب: {بل هم} أي بضمائرهم {في شك}؛ لأنهم لا يجردون أنفسهم من شوائب المكدرات لصفاء العلم، ثم أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن الشاغل لهم عن هذا المهم حال الصبيان مع ادعائهم الكمال بأخلاق الأجلاء من الرجال فقال: {يلعبون} أي يفعلون دائماً فعل التارك لما هو فيه من أجد الجد الذي لا مرية فيه إلى اللعب الذي لا فائدة فيه ولا ثمرة له بوجه، بعد فعل الشاك بالإعراض وعدم الإسراع إلى التصديق والإيفاض.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ}: منغمرون في الشكوك والشبهات غافلون عما خلقوا له قد اشتغلوا باللعب الباطل، الذي لا يجدي عليهم إلا الضرر...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

عندما يبلغ الموقف هذا الحد من الاستثارة والاستجاشة يضرب السياق عنه، ويلتفت بالحديث إلى حكاية حالهم تجاهه؛ وهو حال مناقض لما ينبغي أن يكونوا عليه تجاه حقيقة الموقف الجاد الذي لا مجال للعب فيه: (بل هم في شك يلعبون...)..

يقول: إنهم يلعبون إزاء ذلك الجد، ويشكون في تلك الآيات الثابتة، فدعهم إلى يوم هائل عصيب...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{بل} للإضراب الإبطالي ردّ به أن يكونوا موقنين ومقرّين بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما فإن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين ثابت بل هو كالْعَدَمِ لأنهم خلطوه بالشك واللعب فارتفعت عنه خاصية اليقين والإقرار التي هي الجري على موجَب العلم، فإن العلم إذا لم يجر صاحبه على العمل به وتجديد ملاحظته تطرق إليه الذهول ثم النسيان فضعف حتى صار شكّاً لانحجاب الأدلة التي يرسخ بها في النفس، أي هم شاكّون في وحدانية الله تعالى. والإتيان بحرف الظرفية للدلالة على شدة تمكن الشك من نفوسهم حتى كأنه ظرف محيط بهم لا يجدون عنه مخرجاً، أي لا يفارقهم الشك، فالظرفية استعارة تبعية مثل الاستعلاء في قوله:

{أولئك على هدى من ربّهم} [البقرة: 5]. وجملة {يلعبون} حال من ضمير {هم} أي اشتغلوا عن النظر في الأدلة التي تزيل الشك عنهم وتجعلهم مهتدين، بالهزء واللعب في تلقي دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فكأن انغماسهم في الشك مقارِناً لحالهم من اللعب، ولهذه الجملة الحالية موقع عظيم إذ بها أفيد أنّ الشك حامِل لهم على الهزء واللعب، وأن الشغل باللعب يزيد الشك فيهم رسوخاً بخلاف ما لو قيل: بل هم في شك ولعب، فتفطّنْ...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

الحق سبحانه وتعالى هنا جمع لهم وصفين: أنهم في شَكٍّ من دين الله، وأنهم يلعبون يعني: غير جادين في هذه المسألة، ولو كان وصف واحد منهما لكان كافياً لإبعادهم عن ساحة الإيمان.

{هُمْ فِي شَكٍّ..} لنعرف معنى الشك نقول: إن النسب العقلية في القضايا ستُّ نسب. منها: العلم: وهو أن تعتقد قضية يُؤيدها الواقع. والجهل: أنْ تعتقد قضية مخالفة للواقع. والتقليد: وهو أنْ تعتقد قضية ولا تستطيع التدليلَ عليها كالطفل يُقلّد أباه فيقول: الله أحد لكنه لا يقيم الدليل عليها، ثم الشك وهو أنْ يستوي عندك أمران لا ترجح أحدهما على الآخر، فإنْ رجحت أحدهما فالراجح ظنّ، والمرجوح وَهْم.

فالشك إذن أنْ يستويَ عندهم الكفر والإيمان، وليتهم في شَكٍّ فقط، إنما أيضاً {يَلْعَبُونَ} فلو كانوا في شَكٍّ وجادِّين في البحث والتأمل لوصلوا إلى الحق، لكنهم هازلون لاعبون، لا حرصَ عندهم للوصول إلى الحق.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

لما كان الكلام في الآيات السابقة في أنّ هؤلاء إن كانوا طلاّب يقين، فإنّ سبل تحصيله كثيرة، وتضيف أوّل آية من هذه الآيات (بل هم في شك يلعبون) فإنّ شك هؤلاء في حقانية هذا الكتاب السماوي وفي نبوّتك، ليس نابعاً من كون المسألة معقدة صعبة، بل من عدم جديتهم في التعامل معها، فهم يتعاملون معها بهزل، فيستهزئون ويسخرون تارة، ويصفون أنفسهم بعدم الاطلاع والإلمام وبالجهل تارة أخرى، ويشغلون أنفسهم كل يوم بأُسلوب لعب جديد.

«يلعبون» من مادة اللعاب على قول الراغب و هو البزاق السائل، ولما لم يكن للإنسان هدف مهم من اللعب، فقد شبه بالبزاق الذي يبصقه الفرد لا إرادياً.

ومهما كان، فإن الحقيقة هي أن التعامل الجدي مع المسائل يعين الإنسان في معرفة الحقائق، أمّا التعامل الهازل الفارغ فإنّه يلقي الحجب عليها ويمنعه من الوصول إليها.