الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَأَن لَّا تَعۡلُواْ عَلَى ٱللَّهِۖ إِنِّيٓ ءَاتِيكُم بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (19)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأن لا تعلوا على الله} يعني لا تعظموا على الله أن توحدوه.

{إني آتيكم بسلطان مبين} يعني حجة بينة، وهي اليد والعصا، فكذبوه، فقال فرعون في حم المؤمن: {ذروني أقتل موسى} [غافر:26]...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وجاءهم رسول كريم، أن أدّوا إليّ عباد الله، وبأن لا تعلوا على الله.

وعنى بقوله:"أنْ لا تَعْلُوا على اللّهِ": أن لا تطغو وتبغوا على ربكم، فتكفروا به وتعصوه، فتخالفوا أمره.

"إنّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِين" يقول: إني آتيكم بحجة على حقيقة ما أدعوكم إليه، وبرهان على صحته، مبين لمن تأملها وتدبرها أنها حجة لي على صحة ما أقول لكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

معناه: وألا تتكبّروا، ولا تتعظّموا على رسول الله، ولا تتعظموا على عبادة الله وعلى دينه؛ إذ لا أحد يقصد قصد التكبّر على الله تعالى، وإن تنسّب إليه فهو على إرادة أوليائه أو دينه كقوله تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم} [محمد: 7] ونحوه، والله أعلم.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَأَن لاَّ تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} فيه أربعة تأويلات:

الثاني: لا تفتروا على الله، قاله ابن عباس، والفرق بين البغي والافتراء أن البغي بالفعل، والافتراء بالقول.

...

.

الرابع: لا تستكبروا على عباد الله، قاله يحيى، والفرق بين التعظيم والاستكبار أن التعظيم تطاول المقتدر، والاستكبار ترفع المحتقر.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

المعنى كانت رسالتُه وقولُه: {أن أدوا} [الدخان: 18] {وأن لا تعلوا} وعبر بالعلو عن الطغيان والعتو على الله تعالى وعلى شرعه وعلى رسوله..

والسلطان: الحجة، فكأنه قال: لا تكفروا، فإن الدليل المؤدي إلى الإيمان بيّن.

وقرأت فرقة: «أني آتيكم» بفتح الألف. و «أن» في موضع نصب بمعنى: لا تكفروا من أجل أني آتيكم بسلطان مبين، فكأن مقصد هذا الكلام التوبيخ، كما تقول لإنسان: لا تغضب، لأن الحق قيل لك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان استعباد عبد الغير بغير حق في صورة العلو على مالك العبد قال: {وأن لا تعلوا} أي تفعلوا باستعبادكم لبني إسرائيل نبي الله ابن خليل الله فعل العالي {على الله} الذي له مجامع العظمة ومعاقد العزة بنفوذ الكلمة وجميع أوصاف الكمال فإنكم إن فعلتم ذلك أخذكم بعزته ودمركم بعظمته.

ولما كان علو من يتصرف في العبد على مالك العبد لا يثبت إلا بعد ثبوت أنه ملكه، وأنه لا يحب التصرف فيه، علل ذلك بقوله مؤكداً لأجل [أن-] ما أتى به بصدد أن ينكروه؛ لأن النزوع عما استقر في النفس ومضى عليه الإلف بعيد: {إني آتيكم} وهو يصح أن يكون اسم فاعل وأن يكون فعلاً مضارعاً.

ولما كان فعلهم فعل العالي على السلطان، قال: {بسلطان} أي أمر باهر قاهر من عند مالكهم، لا يسوغ لأحد الاستعلاء عليه فكيف بالاستعلاء على من هو بأمره {مبين} أي واضح في نفسه سلطنته ومظهر لغيره ذلك.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {أن لا تعلوا} عطف على {أن أدوا إلي}، وأعيد حرف {أنْ} التفسيرية لزيادة تأكيد التفسير لمدلول الرسالة، و {لا} ناهية، وفعل {تعلوا} مجزوم ب {لا} الناهية.

وجملة {إني آتيكم بسلطان مبين} علة جديرة بالعود إلى الجمل الثلاث المتقدمة وهي {أدوا إلي عباد الله}، {إني لكم رسول أمين}، {وأن لا تعلوا على الله} لأن المعجزة تدل على تحقق مضامين تلك الجمل مَعلولِها وعلتها.

والسلطان من أسماء الحجة قال تعالى: {إن عندكم من سلطانٍ بهذا} [يونس: 68] فالحجة تلجئ المحوج على الإقرار لمن يحاجّه فهي كالمتسلط على نفسه.

والمعجزة: حجة عظيمة ولذلك وصف السلطان ب {مبين}، أي وَاضح الدلالة لا ريب فيه.

و {آتيكم} مضارع أو اسم فاعل (أتى).

وعلى الاحتمالين فهو مقتض للإتيان بالحجّة في الحال.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

المراد من عدم العلو على الله سبحانه، هو عدم القيام بأي عمل لا ينسجم مع أصول العبودية، من المخالفة والتمرد، وحتى إيذاء رسل الله، أو ادعاء الألوهية وأمثال ذلك...