الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (90)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"وأمّا إنْ كانَ الميت مِنْ أصحَابِ اليَمِينِ "الذين يُؤخذ بهم إلى الجنة من ذات أيمانهم "فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أصحَابِ اليَمِينِ".

ثم اختلف في معنى قوله: "فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أصحَابِ اليَمِينِ"؛

فقال أهل التأويل... عن قتادة... قال: سلام من عند الله، وسلّمت عليه ملائكة الله...

قال ابن زيد:... سلم مما يكره.

وأما أهل العربية، فإنهم اختلفوا في ذلك؛ فقال بعض نحوّيي البصرة "وأمّا إنْ كانَ مِنْ أصحَابِ اليَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أصحَابِ اليَمِينِ": أي فيقال سلم لك. وقال بعض نحويّي الكوفة: قوله: "فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أصحَابِ اليَمِينِ": أي فذلك مسلم لك أنك من أصحاب اليمين...

وقوله: "فَسَلامٌ لَكَ" معناه: فسلم لك أنت من أصحاب اليَمين. قال: وقد يكون كالدعاء له، كقوله: فسُقيا لك من الرجال...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: معناه: فسلام لك إنك من أصحاب اليمين... فسلمت من عذاب الله، ومما تكره، لأنك من أصحاب اليمين.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ فَسَلاَمٌ لكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ} فيه وجهان: أحدهما: أنه سلامته من الخوف وتبشيره بالسلامة.

الثاني: أنه يحيا بالسلام إكراماً.

فعلى هذا في محل السلام ثلاثة أقاويل:

أحدها: عند قبض روحه في الدنيا يسلم عليه ملك الموت...

الثاني: عند مساءلته في القبر، يسلم عليه منكر ونكير.

الثالث: عند بعثه في القيامة تسلم عليه الملائكة قبل وصوله إليها.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: في السلام وفيه وجوه؛

(أولها) يسلم به صاحب اليمين على صاحب اليمين، كما قال تعالى من قبل: {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما، إلا قيلا سلاما سلاما}.

...

...

...

...

...

...

...

....

....

(ثالثها) أن هذه الجملة تفيد عظمة حالهم كما يقال: فلان ناهيك به، وحسبك أنه فلان، إشارة إلى أنه ممدوح فوق الفضل.

المسألة الثانية: الخطاب بقوله: {لك} مع من؟ نقول: قد ظهر بعض ذلك فنقول: يحتمل أن يكون المراد من الكلام النبي صلى الله عليه وسلم،...أو فسلام لك يا محمد منهم، وكونهم ممن يسلم على محمد صلى الله عليه وسلم دليل العظمة، فإن العظيم لا يسلم عليه إلا عظيم.

وعلى هذا ففيه (لطيفة) وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم مكانته فوق مكانة أصحاب اليمين بالنسبة إلى المقربين الذين هم في عليين، كأصحاب الجنة بالنسبة إلى أهل عليين، فلما قال: {وأما إن كان من أصحاب اليمين} كان فيه إشارة إلى أن مكانهم غير مكان الأولين المقربين، فقال تعالى: هؤلاء وإن كانوا دون الأولين لكن لا تنفع بينهم المكانة والتسليم، بل هم يرونك ويصلون إليك وصول جليس الملك إلى الملك والغائب إلى أهله وولده، وأما المقربون فهم يلازمونك ولا يفارقونك وإن كنت أعلى مرتبة منهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{من أصحاب اليمين} أي الذين هم الدرجة الثانية من أصحاب الميمنة.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

أصحاب اليمين هم النوع الثاني ولم يفصل القول في النعيم الذي يجدونه، واكتفى بأن يخبر عنهم بما يدل على النعيم فهم في سلام، يسلم بعضهم على بعض، كل فوج يسلم على الآخر. أو تسلم عليهم الملائكة، أو يسلم عليهم الحق سبحانه وتعالى كما قال في (يس): {سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)} [يس] وتحت هذا السلام من الرب الرحيم تنطوي النعم.