اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (90)

قوله : { وأما إن كان من أصحاب اليمين ، فسلامٌ لك من أصحاب اليمين } .

«فسلام لك » مبتدأ وخبر{[55163]} .

و«من أصحاب » . قال الزمخشري{[55164]} : «فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين ، أي : يسلمون عليك » .

وقال ابن جرير{[55165]} : «فسلام لك أنت من أصحاب اليمين » .

وهذا يحتمل أن يكون كقول الزمخشري ، ويكون «أنت » تأكيداً للكاف في لك ، ويحتمل أن يكون أراد أن «أنت » مبتدأ ، و«من أصحاب » خبره ، ويؤيد هذا ما حكاه قوم من أن المعنى فيقال لهم : سلام عليكم لك إنك من أصحاب اليمين .

وأول هذه الأقوال هو الواضح البين ؛ ولذلك لم يعرج أبو القاسم على غيره{[55166]} .

فصل في المقصود بهذا السلام

قال القرطبي{[55167]} : { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين } أي : لست ترى منهم إلاَّ ما تحب من السلامة فلا تهتمّ ، فإنهم يسلمون من عذاب الله .

وقيل : المعنى : سلام لك منهم ، أي : أنت سالم من الاهتمام لهم ، والمعنى واحد .

وقيل : إن أصحاب اليمين يدعون لك يا محمد بأن يصلي الله عليك ويسلم .

وقيل : معناه : سلمت أيها العبدُ ممَّا تكره ، فإنك من أصحاب اليمين فحذف إنك .

وقيل : إنه يُحَيَّا بالسلام إكراماً .

فعلى هذا في محل السلام ثلاثة أقاويل :

أحدها : عند قبض روحه في الدنيا يسلم عليه ملك الموت . قاله الضحاك .

قال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن ، قال : ربك يقرئك السلام .

الثاني : عند مساءلته في القبر يسلّم عليه منكر ونكير .

الثالث : عند بعثه في القيامة يسلم عليه الملك قبل وصوله إليها .

قال القرطبي{[55168]} : «ويحتمل أن يسلم عليه في المواطن الثلاثة ، ويكون ذلك إكراماً بعد إكرام » .


[55163]:ينظر: الدر المصون 6/270.
[55164]:الكشاف 4/470.
[55165]:ينظر: جامع البيان 11/667.
[55166]:ينظر: الدر المصون 6/271.
[55167]:الجامع لأحكام القرآن 17/151.
[55168]:السابق.