الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{فَلَوۡلَآ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ} (83)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم وعظهم فقال: {فلولا} يعني فهلا {إذا بلغت} هذه النفس {الحلقوم} يعني التراقي...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فَلَوْلا إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ" يقول تعالى ذكره: فهلا إذا بلغت النفوس عند خروجها من أجسادكم أيها الناس حلاقيمكم.

"وأنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ" يقول ومن حضرهم منكم من أهليهم حينئذٍ إليهم ينظر، وخرج الخطاب ها هنا عاما للجميع، والمراد به: من حضر الميت من أهله وغيرهم، وذلك معروف من كلام العرب، وهو أن يخاطب الجماعة بالفعل، كأنهم أهله وأصحابه، والمراد به بعضهم غائبا كان أو شاهدا...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فلولا إذا بلغت الحلقوم} {وأنتم حينئذ تنظرون}...

يخرج على وجهين: أحدهما: {تنظرون} خروج الروح؛ إنها متى تخرج، فلا يملكون ردها إلى حيث كانت، ولكن ينتظرون خروجها متى تخرج. والثاني: {وأنتم حينئذ تنظرون} على حقيقة النظر، أي تنظرون إلى سلطاني وقدرتي. وقيل: هو من الانتظار، أي تنتظرون أن يحل بكم الموت، وهو ما ذكرنا. وجائز أن يكون قوله: {وأنتم حينئذ تنظرون} لأنهم كانوا يعبدون الأصنام رجاء أن تشفع لهم في ضيق الحال وإنما يضيق الحال عليهم والأمر عند حلول الموت؛ إذ لا بعث عندهم، فيقول: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} فتشفع لهم الأصنام التي يعبدونها، وترد الروح إلى المكان الذي كانت فيه، فإذا لم تملك ذلك، فكيف عبدتموها؟ والله أعلم.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

الآية في بيان عجزهم، وذكر قدرته عليهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{الحلقوم} مجرى الطعام، وهذه الحال هي نزاع المرء للموت.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فماذا أنتم فاعلون إذ تبلغ الحلقوم، وتقفون في مفرق الطريق المجهول؟ ثم يصور الموقف التصوير القرآني الموحي، الذي يرسم ظلال الموقف كلها في لمسات سريعة ناطقة بكل ما فيه، وبكل ما وراءه، وبكل ما يوحيه. (فلولا إذا بلغت الحلقوم. وأنتم حينئذ تنظرون. ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون).. لنكاد نسمع صوت الحشرجة، ونبصر تقبض الملامح، ونحس الكرب والضيق من خلال قوله: (فلولا إذا بلغت الحلقوم)...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

فلو كان ما تزعمون من أنكم غير مجزيين بعد الموت لبقيتْ الأرواح في أجسادها، إذ لا فائدة في انتزاعها منها بعد إيداعها فيها لولا حكمة نقلها إلى حياة ثانية، ليجري جزاؤها على أفعالها في الحياة الأولى.وهذا كقوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 115]، فالله تعالى جعل الحياة الدنيا والآجال مُدَدَ عمل، وجعل الحياة الآخرة دار جزاء على الأعمال، ولذلك أقام نظام الدنيا على قاعدة الانتهاء لآجاللِ حياة الناس...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

عندما تصل الروح إلى الحلقوم: من اللحظات الحسّاسة التي تقلق الإنسان دائماً هي لحظة الاحتضار ونهاية العمر، في تلك اللحظة يكون كلّ شيء قد انتهى، وقد جلس أهله وأحبّاؤه ينظرون إليه بيأس كشمعة قد انتهى أمدها وستنطفئ رويداً رويداً، حيث يودّع الحياة دون أن يستطيع أحد أن يمدّ إليه يد العون. نعم، إنّ الضعف التامّ للإنسان يتجسّد في تلك اللحظات الحسّاسة ليس في العصور القديمة فحسب بل حتّى في عالمنا المعاصر، فمع توفّر جميع الإمكانات الطبيّة والفنيّة والوسائل العلاجية فإنّ الضعف يتجلّى في ساعة الاحتضار. وتكملة لأبحاث المعاد والردّ على المنكرين والمكذّبين فإنّ القرآن الكريم يرسم لنا صورة معبّرة ومجسّدة لهذه اللحظات حيث يقول سبحانه: (فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون) ولا تستطيعون عمل شيء من أجله. والمخاطبون هنا هم أقارب المحتضر الذين ينظرون إلى حالته في ساعة الاحتضار من جهة، ويلاحظون ضعفه وعجزه من جهة ثانية، وتتجلّى لهم قدرة الله تعالى على كلّ شيء، حيث إنّ الموت والحياة بيده، وأنّهم أي أقاربه سيلاقون نفس المصير...