الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَبَنِينَ شُهُودٗا} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني حضورا لا يغيبون أبدا عنه في تجارة ولا غيرها لكثرة أموالهم بمكة، وكلهم رجال منهم الوليد بن الوليد، وخالد بن الوليد، وهو سيف الله أسلم بعد ذلك، وعمارة بن الوليد، وهشام بن الوليد، والعاص بن الوليد، وقيس بن الوليد، وعبد شمس بن الوليد.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وجعلت له بنين شهودا، ذُكر أنهم كانوا عشرة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي حضورا، لا يغيبون، ويكون فيه وجهان من الحكمة:

أحدهما: أن ماله كثر حتى لم يحتج إلى تفريق أولاده في الجمع والاكتساب، بل كان يأتيه سهما، لا يحتاج إلى تكلف أسباب الجمع.

والثاني: أن غاية ما يراد، ويتمنى، ويلتمس من البنين، وهو أن يستأنس بالنظر إليهم، ويستعان بهم، ويستنصر إذا احتاجوا إلى ذلك.

ففيه أنه قد نال مناه، ووصل إلى ما ترغب إليه النفوس من كثرة الأموال والأولاد.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

لأنهم مكفيون لوفور نعمة أبيهم واستغنائهم عن التكسب وطلب المعاش بأنفسهم، فهو مستأنس بهم لا يشتغل قلبه بغيبتهم، وخوف معاطب السفر عليهم ولا يحزن لفراقهم والاشتياق إليهم.

ويجوز أن يكون معناه: أنهم رجال يشهدون معه المجامع والمحافل. أو تسمع شهادتهم فيما يتحاكم فيه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان أول ما تمتد إليه النفس بعد كثرة المال الولد، وكان أحب الولد الذكر، قال: {وبنين} ولما كان الاحتياج إلى فراقهم ولو زمناً يسيراً شاقاً، وكان ألزمهم له وأغناهم عن الضرب في الأرض نعمة أخرى قال: {شهوداً} أي حضوراً معه لغناه عن الأسفار بكثرة المال وانتشار الخدم و- قوة الأعوان، وهم مع حضورهم في الذروة من الحضور بتمام العقل وقوة الحذق، فهم في غاية المعرفة بما يزيدهم الاطلاع عليه حيثما أرادهم وجدهم وتمتع بلقياهم، ومع ذلك فهم أعيان المجالس وصدور المحافل كأنه لا شاهد بها غيرهم، منهم خالد الذي من الله بإسلامه، فكان سيف الله تعالى وسيف رسوله صلى الله عليه وسلم.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 11]

(ذرني ومن خلقت وحيدا)..

والخطاب للرسول [صلى الله عليه وسلم] ومعناه خل بيني وبين هذا الذي خلقته وحيدا مجردا من كل شيء آخر مما يعتز به من مال كثير ممدود وبنين حاضرين شهود ونعم يتبطر بها ويختال ويطلب المزيد. خل بيني وبينه ولا تشغل بالك بمكره وكيده. فأنا سأتولى حربه.. وهنا يرتعش الحس ارتعاشة الفزع المزلزل؛ وهو يتصور انطلاق القوة التي لا حد لها.. قوة الجبار القهار.. لتسحق هذا المخلوق المضعوف المسكين الهزيل الضئيل! وهي الرعشة التي يطلقها النص القرآني في قلب القارئ والسامع الآمنين منها. فما بال الذي تتجه إليه وتواجهه!

ويطيل النص في وصف حال هذا المخلوق، وما آتاه الله من نعمه وآلائه، قبل أن يذكر إعراضه وعناده. فهو قد خلقه وحيدا مجردا من كل شيء حتى من ثيابه! ثم جعل له مالا كثيرا ممدودا. ورزقه بنين من حوله حاضرين شهودا، فهو منهم في أنس وعزوة. ومهد له الحياة تمهيدا ويسرها له تيسيرا.. (ثم يطمع أن أزيد).. فهو لا يقنع بما أوتي، ولا يشكر ويكتفي.. أم لعله يطمع في أن ينزل عليه الوحي وأن يعطى كتابا كما سيجيئ في آخر السورة: (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة).. فقد كان ممن يحسدون الرسول [صلى الله عليه وسلم] على إعطائه النبوة.