المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا} (27)

25 - ألم نجعل الأرض ضامَّة على ظهرها أحياء لا يعدون ، وفي بطنها أمواتٌ لا يحصرون ، وجعلنا فيها جبالاً ثوابت عاليات ، وأسقيناكم ماء عذباً سائغاً ؟ هلاك يومئذٍ للمكذبين بهذه النعمة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا} (27)

والرواسي : جمع راس ، أي جبالاً رواسي ، أي ثوابت فى الأرض قال السموأل :

رسا أصله تحت الثرى وسَمَا به *** إلى النجم فرع لا يُنَال طويل

وجمع على فواعل لوقوعه صفة لمذكر غير عاقِل وهذا امتنان بخلق الجبال لأنهم كانوا يأوُون إليها وينتفعون بما فيها من كَلأ وشجر قال تعالى : { والجبال أرساها متاعاً لكم ولأنعامكم } [ النازعات : 32 ، 33 ] .

والشامخات : المرتفعات .

وعُطف { وأسقيناكم ماء فراتاً } لمناسبة ذكر الجبال لأنها تنحدر منها المياه تجري في أسافلها وهي الأدوية وتقر في قرارات وحياض وبُحيرات .

والفُرات : العذب وهو ماء المطر .

وتنوين { شامخات } و { ماءً فراتاً } للتعظيم لِدلالة ذلك على عظيم القدرة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ شَٰمِخَٰتٖ وَأَسۡقَيۡنَٰكُم مَّآءٗ فُرَاتٗا} (27)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وجعلنا فيها رواسي شامخات} وهي جبال راسخة في الأرض وأوتادا.

{وأسقيناكم ماء فراتا}: ماء حلوا.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وجعلنا في الأرض جبالاً ثابتات فيها، باذخات شاهقات.

"وأسْقَيْناكُمْ ماءً فُرَاتا": وأسقيناكم ماء عذبا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فالرواسي، هي الجبال الثابتات في الأرض، أثبتها في الأرض ليقر بها، ولا تميد بأهلها؛ إذ لو مادت لم يصل أهلها إلى ما قدّر لهم من المنافع، فذكّرهم بذكره الجبال الرواسي عظيم نعمه عليهم ليستأدي منهم الشكر، والشامخات هي الطّوال.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

الإشارةُ فيه إلى عظيم مِنَّته أنَّه لم يخسف بكم الأرض -وإن عملتم ما عملتم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما ذكر ما تغيبه من جبال العلم والملك وغيرهما، أتبعه ما تبرزه من الشواهق إعلاماً بأنه لو كان الفعل للطبيعة ما كان الأمر هكذا، فإنه لا يخرج هذه الجبال العظيمة على ما لها من الكبر والرسوخ والثقل والصلابة وغير ذلك من العظمة إلا الفاعل المختار، هذا إلى ما يحفظ في أعاليها من المياه التي تنبت الأشجار وتخرج العيون والأنهار، بل أكثر ما يخرج من المياه هو منها، وكذا غالب المنافع من المعادن وغيرها قال: {وجعلنا} أي بما لنا من العظمة {فيها} أي الأرض {رواسي} لولاها لمادت بأهلها، ومن العجائب أن مراسيها من فوقها خلافاً لمراسي السفن {شامخات} أي هي- مع كونها ثوابت في أنفسها مثبتة لغيرها طوال جداً عظيمة الارتفاع كأنها قد تكبرت على بقية الأرض وعلى من يريد صعودها، وتنكيره للتعظيم. ولما كان من العجائب الخارقة للعوائد فوران الماء الذي من طبعه أن يغور لا أن يفور لما له من الثقل واللطافة التي أفادته قوة السريان في الأعماق وفي كون ذلك منه من موضع من الأرض دون آخر، وكونه من الجبال التي هي أصلب الأرض ومن صخورها غالباً دلالة ظاهرة على أن الفعل للواحد المختار الجبار القهار لا للطبائع قال: {وأسقيناكم} أي جعلنا لكم بما لنا من العظمة شراباً لسقيكم وسقي ما تريدون سقيه من الأنعام والحرث وغير ذلك {ماء} من لأنهار والغدران والعيون والآبار وغيرها {فراتاً} أي عظيماً عذباً سائغاً وقد كان حقيقاً بأن يكون ملحاً أجاجاً لما للأراضي الممسكة له من ذلك.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

يشير تعالى إلى إحدى النعم الإلهية العظيمة في الأرض، فيضيف: (وجعلنا فيها رواسي شامخات) هذه الجبال التي قاربت بارتفاعها السماء، واتصلت أُصولها بالبعض الآخر قد لزمت الأرض كالدرع من جهة لحفظها من الضغط الداخلي والضغوط الناتجة من الجزر والمد الخارجي، ومن جهة أُخرى تمنع اصطكاك الرياح مع الأرض حيث تمدّ قبضتها في الهواء لتحركه حول نفسها وكذلك تنظم حركة الأعاصير والرياح من جهة ثالثة، ولهذا تكون الجبال باعثة على الاستقرار لأهل الأرض.