ثم أتبع ذلك وعدهم{[5220]} ووسمهم بإقامة الصلاة ومدحهم بها حضاً على ذلك ، وقوله { ومما رزقناهم ينفقون } قال جماعة من المفسرين : هي الزكاة .
قال القاضي أبو محمد : وإنما حملهم على ذلك اقتران الكلام بإقامة الصلاة وإلا فهو لفظ عام في الزكاة ونوافل الخير وصلاة المستحقين ، ولفظ ابن عباس في هذا المعنى محتمل .
وَصْفُهم بأنهم الذين يقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله جاءَ بإعادة الموصول ، كما أعيد في قوله : { والذين يؤمنون بما أنزل إليك } في سورة البقرة ( 4 ) ، وذلك للدلالة على الانتقال ، في وصفهم ، إلى غرض آخر غيرِ الغرض الذي اجتُلُبَ الموصول الأول لأجله ، وهو هنا غرض محافظتهم على ركني الإيمان : وهما إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فلا علاقة للصلة المذكورة هنا بأحكام الأنفال والرضى بقسمها ، ولكنه مجرد المدح ، وعبر في جانب الصلاة بالإقامة للدلالة على المحافظة عليها وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : { ويقيمون الصلاة } في سورة البقرة ( 3 ) . وجيء بالفعلين المضارعين في { يقيمون } و { ينفقون } للدلالة على تكرر ذلك وتجدده .
واعلم أن مقتضى الاستعمال في الخبر بالصلات المتعاطفة ، التي موصولها خبرٌ عن مبتدأ أن تُعتبر خبراً بعدة أشياء فهي بمنزلة أخبار متكررة ، ومقتضى الاستعمال في الاخبار المتعددة أن كل واحد منها يعتبر خبراً مستقلاً عن المبتدأ فلذلك تكون كل صلة من هذه الصلات بمنزلة خبر عن المؤمنين وهي محصور فيها المؤمنون أي حالهم فيكون المعنى ، إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، إنما المؤمنون الذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً . وهكذا فمتى اختلت صفة من هذه الصفات اختل وصف الإيمان عن صاحبها ، فلذلك تعين أن يكون المراد من القصر المبالغة الآيله إلى معنى قصر الإيمان الكاملِ على صاحب كل صلة من هذه الصلات ، وعلى صاحب الخبرين ، لظهور أن أصل الإيمان لا يسلب من أحد ذكر الله عنده فلا يجل قلبه ، فإن أدلة قطعية من أصول الدين تنافي هذا الاحتمال فتعين تأويل { المؤمنون } [ الأنفال : 2 ] على إرادة أصحاب الإيمان الكامل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.