معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَوَاتَآ أَفۡنَانٖ} (48)

ثم وصف الجنتين فقال :{ ذواتا أفنان } أغصان ، واحدها فنن ، وهو الغصن المستقيم طوالاً . وهذا قول مجاهد وعكرمة والكلبي . وقال عكرمة : ظل الأغصان على الحيطان . قال الحسن : ذواتا ظلال . قال ابن عباس : ألوان . قال سعيد بن جبير والضحاك : ألوان الفاكهة ، واحدها فن من قولهم افتن فلان في حديثه إذا أخذ في فنون منه وضروب . وجمع عطاء بين القولين فقال : في كل غصن فنون من الفاكهة . وقال قتادة : ذواتا فضل وسعة على ما سواهما .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَوَاتَآ أَفۡنَانٖ} (48)

ثم نعت هاتين الجنتين فقال : { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } أي : أغصان نَضِرَة حسنة ، تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة ، { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } . هكذا {[27915]} قال عطاء الخراساني وجماعة : إن الأفنان أغصان الشجَر يمس بعضُها بعضا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا مسلم بن قتيبة ، حدثنا عبد الله بن النعمان ، سمعت عكرمة يقول : { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } ، يقول : ظِل الأغصان على الحيطان ، ألم تسمع قول الشاعر حيث يقول :

ما هاجَ شَوقَكَ من هَديل حَمَامَةٍ*** تَدْعُو على فَنَن الغُصُون حَمَاما

تَدْعُو أبا فَرْخَين صادف طاويا*** ذا مخلبين من الصقور قَطاما{[27916]}

وحكى البغوي ، عن مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والكلبي : أنه الغصن المستقيم {[27917]} [ طوالا ] {[27918]} .

قال : وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } : ذواتا ألوان .

قال : و [ قد ] {[27919]} روي عن سعيد بن جبير ، والحسن ، والسدي ، وخُصَيف ، والنضر بن عربي {[27920]} ، وأبي سِنَان مثل ذلك . ومعنى هذا القول أن فيهما فنونا من الملاذ ، واختاره ابن جرير .

وقال عطاء : كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة ، وقال الربيع بن أنس : { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } : واسعتا الفناء .

وكل هذه الأقوال صحيحة ، ولا منافاة بينها ، والله أعلم . وقال قتادة : { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } ينبئ بسعتها وفضلها {[27921]} ومزيتها على ما سواها .

وقال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن أسماء{[27922]} قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذكر سدرة المنتهى - فقال : " يسير في ظل الفَنَن منها الراكب مائة سنة - أو قال : يستظل في ظل الفَنَن منها مائة راكب - فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القِلال " .

رواه الترمذي من حديث يونس بن{[27923]} بكير ، به {[27924]} .


[27915]:- (1) في أ: "وكذا".
[27916]:- (2) رواه عبد بن حميد وابن المنذر وأبو بكر بن حيان في الفنون وابن الأنباري في الوقف والابتداء كما في الدر المنثور (7/709).
[27917]:- (3) في م: "الغصن المنيف طولا".
[27918]:- (4) زيادة من أ.
[27919]:- (5) زيادة من م.
[27920]:- (6) في أ: "عدي".
[27921]:- (7) في م: "بفضلها وسعتها".
[27922]:- (8) في م: "أسماء بنت يزيد"، وفي ا: "أسماء بنت أبي بكر".
[27923]:- (1) في م، أ: "عن".
[27924]:- (2) سنن الترمذي برقم (2541) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَوَاتَآ أَفۡنَانٖ} (48)

والأفنان يحتمل أن يكون جمع فنن ، وهو فنن الغصن ، وهذا قول مجاهد ، فكأنه مدحها بظلالها وتكاثف أغصانها ويحتمل أن يكون جمع فن ، وهو قول ابن عباس ، فكأنه مدحها بكثرة أنواع فواكهها ونعيمها{[10843]} .


[10843]:جاء الفنن في اللغة بمعنى الغصن، وشواهده كثيرة في اللغة، ومنها قول الشاعر: ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماما تدعو أبا فرخين صادف ضاريا ذا مِخلبين من الصقور قطاما وقول النابغة: بكاء حمامة تدعو هديلا مُفجعة على فنن تغنى وجاء الفنن بمعنى النوع، وشاهده قول الشاعر: ومن كل أفنان اللذاذة والصبا لهوت به والعيش أخضر ناضر أي: ومن كل أنواع اللذاذة.