الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ذَوَاتَآ أَفۡنَانٖ} (48)

قوله تعالى : " ذواتا أفنان " قال ابن عباس وغيره : أي ذواتا ألوان من الفاكهة الواحد فن . وقال مجاهد : الأفنان الأغصان واحدها فنن ، قال النابغة :

بكاء حمامةٍ تدعُو هَدِيلاً *** مُفَجَّعَةٍ على فَنَنٍ تُغَنِّي{[14577]}

وقال آخر يصف طائرين :

باتا على غصن بان في ذُرَى فَنَنِ *** يُرَدِّدَانِ لحونا ذاتَ ألوان

أراد باللحون اللغات . وقال آخر :

ما هاج شوقك من هديل حمامة *** تدعو على فنن الغصون حَمَامَا

تدعو أب فَرْخَيْنِ صادف ضاريًا *** ذا مِخْلَبَيْنِ من الصُّقُورِ قَطَامَا

والفنن جمعه أفنان ثم الأفانين ، وقال يصف رحى :

لها زمامٌ من أفانينِ الشجر

وشجرة فناء أي ذات أفنان وفنواء أيضا على غير قياس . وفي الحديث : " أن أهل الجنة مرد مكحلون أولو أفانين " يريد أولو فنن وهو جمع أفنان ، وأفنان جمع فنن وهو الخصلة{[14578]} من الشعر شبه بالغصن . ذكره الهروي . وقل : " ذواتا أفنان " أي ذواتا سعة وفضل على ما سواهما ، قاله قتاده . وعن مجاهد أيضا وعكرمة : إن الأفنان ظل الأغصان على الحيطان .


[14577]:قبل هذا البيت: أسائلها وقد سفحت دموعي * كأن مفيضهن غروب شن
[14578]:الزيادة من النهاية لابن الأثير.