المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

107- وذلك الذي استحقوه من غضب اللَّه وعذابه إنما كان بسبب حبهم الشديد لنعيم الدنيا ومتاعها الزائل ، حتى صرفهم هذا الحب عن الحق ، وأعماهم عن الخير ، فتركهم اللَّه وما يحبون من الكفر ؛ لأنه قد جرت سنته في خلقه بترك أمثال هؤلاء ، وعدم هدايتهم لفسادهم ، وتماديهم في الباطل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

قوله تعالى : { ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين } ، لا يرشدهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر ، وشرح صدره بالكفر واطمأن به : أنه قد غَضب عليه ، لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه ، وأن لهم عذابا عظيما في الدار الآخرة ؛ لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ، فأقدموا{[16707]} على ما أقدموا عليه من الردة لأجل{[16708]} الدنيا ، ولم يهد الله قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق ، فطبع على قلوبهم ، فلا{[16709]} يعقلون بها شيئا ينفعهم ، وختم على سمعهم وأبصارهم فلا ينتفعون بها ، ولا أغنت عنهم شيئا ، فهم غافلون عما يراد بهم .

/خ109


[16707]:في ت: "فما قدموا".
[16708]:في ت: "الردة إلا لأجل".
[16709]:في أ: "فهم لا".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنّهُمُ اسْتَحَبّواْ الْحَيَاةَ الْدّنْيَا عَلَىَ الاَخِرَةِ وَأَنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : حلّ بهؤلاء المشركين غضب الله ، ووجب لهم العذاب العظيم ، من أجل أنهم اختاروا زينة الحياة الدنيا على نعيم الاَخرة ؛ ولأن الله لا يوفق القوم الذين يجحدون آياته مع إصرارهم على جحودها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

{ ذلك } ، إشارة إلى الكفر بعد الإيمان أو الوعيد . { بأنهم استحبّوا الحياة الدنيا على الآخرة } ، بسبب أنهم آثروها عليها . { وأن الله لا يهدي القوم الكافرين } ، أي : الكافرين في علمه إلى ما يوجب ثبات الإيمان ولا يعصمهم من الزيغ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

قوله : { ذلك } ، إشارة إلى الغضب والعذاب الذي توعد به قبل هذه الآية{[7421]} ، والضمير في : { أنهم } ، ل { من شرح بالكفر صدراً } [ النحل : 106 ] ، ولما فعلوا فعل من استحب ألزموا ذلك وإن كانوا مصدقين بآخرة ، لكن الأمر في نفسه بين ، فمن حيث أعرضوا عن النظر فيه كانوا كمن استحب غيره ، وهذه الآية علق فيها العقاب بتكسبهم ، وذلك أن استحبابهم زينة الدنيا ولذات الكفر هو التكسب ، وقوله : { وأن الله لا يهدي } ، إشارة إلى اختراع الله تعالى الكفر في قلوبهم ، ولا شك أن كفر الكافر الذي يتعلق به العقاب إنما هو باختراع من الله تعالى وتكسب من الكافر ، فجمعت الآية بين الأمرين ، وعلى هذا مرت عقيدة أهل السنة{[7422]} ، وقوله : { لا يهدي القوم الكافرين } ، عموم على أنه لا يهديهم من حيث إنهم كفار في نفس كفرهم ، أو عموم يراد به الخصوص فيمن يوافي .


[7421]:وقيل: إن [ذلك] إشارة إلى الارتداد والإقدام على الكفر ؛ لأجل أنهم رجحوا الدنيا على الآخرة، ولأنه تعالى ما هداهم إلى الإيمان.
[7422]:في هذا الكلام رد واضح على ابن تيمية الذي اتهم ابن عطية بالاعتزال.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (107)

هذه الجملة واقعة موقع التعليل فلذلك فصلت عن التي قبلها ، وإشارة ذلك إلى مضمون قوله { فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } [ سورة النحل : 106 ] .

وضمير { بأنهم } عائد إلى { من كفر بالله } [ سورة النحل : 106 ] سواء كان ما صْدق { مَن } معيّناً أو مفروضاً على أحد الوجهين السابقين .

والباء للسببية ، فمدخولها سبب .

و { استحبّوا } مبالغة في ( أحبوا ) مثل استأخر واستكان . وضمن ( استحبّوا ) معنى ( فضّلوا ) فعدي بحرف ( على ) ، أي لأنهم قدّموا نفع الدنيا على نفع الآخرة ، لأنهم قد استقر في قلوبهم أحقّية الإسلام وما رجعوا عنه إلا خوفَ الفتنة أو رغبة في رفاهية العيش ، فيكون كفرهم أشدّ من كفر المستصحبين للكفر من قبل البعثة .

{ وأن الله لا يهدى القوم الكافرين } سبب ثَان للغضب والعذاب ، أي وبأن الله حرمهم الهداية فهم موافونه على الكفر . وقد تقدم تفسير ذلك عند قوله تعالى : { إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله } [ سورة النحل : 104 ] .

وهو تذييل لِما في صيغة { القوم الكافرين } من العموم الشامل للمتحدّث عنهم وغيرهم ، فليس ذلك إظهاراً في مقام الإضمار ولكنه عموم بعد خصوص .

وإقحام لفظ ( قوم ) للدّلالة على أن من كان هذا شأنهم فقد عرفوا به وتمكّن منهم وصار سجيّة حتى كأنهم يجمعهم هذا الوصفُ .

وقد تقدّم أن جريان وصف أو خبر على لفظ ( قوم ) يؤذن بأنه من مقوّمات قوميتهم كما في قوله تعالى : { لآيات لقوم يعقلون } في سورة البقرة ( 164 ) ، وقوله تعالى : { وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون } في سورة يونس ( 101 ) .